أظن أن المنحى الذي أصبح عليه وضع مؤسسات التعليم الخصوصية في علاقتهم مع أولياء الأمور سوف يمدد الآثار السلبية لكورونا إلى السنة الدراسية المقبلة، حيث إن جولات معركة شد الحبل لن تنتهي وسيظل التلاميذ في هذه المعادلة أكبر ضحية على المستوى النفسي كما المعرفي. فواقع الدراسة عن بعد لم ولن يعوض الدروس الحضورية رغم ما قيل عنه وما يقال، وبخاصة على مستوى التمهيدي والابتدائي حيث حدة آثاره بادية للعيانّ، وبحكم أن التلاميذ في مرحلة حجر صحي منذ أكثر شهرين ولربما لأكثر، وعلى أساس هذا سيزيد الوضع على ما هو عليه من حيث لا دراسة طبيعة ولا عطلة ستكون طبيعية ولا راحة نفسية خلالها. إذن الضغط النفسي سيلازم هذه المرة ليس التلاميذ فقط، بل حتى أولياء أمورهم الذين أصبحوا في واضحة النهار يصدحون بحناجرهم رافضين ومعبرين عن عدم رضاهم ليس على الجانب المادي الذي لا يعلمه إلا الله، بل أكثر من ذلك على إحساسهم بنوع من الغبن أو عدم الحماية ناهيك عن استثماراتهم في ظل الأزمة من معدات معلوماتية وأدوات مدرسية من أجل مواكبة العملية التعلمية عن بعد، إضافة الى المجهودات التي تحملها الآباء، وهذا ما سيزيد الطين بلة. وعلى إيقاع الصخب لا محالة والسخط ستنتهي السنة الدراسية الجارية وعلى إيقاع الفوضى وعلى نفس المنوال سيستقبلون الدخول المدرسي المقبل في ظل غياب فعلي لخريطة مدرسية للسنة المقبلة أو حتى برمجة واضحة للمسار التعلمي بما فيها المقررات التي لا حديث عنها بالمطلق وهذا واقع لا ينكره أحد، حيث ليست هنالك مدرسة خاصة إلى حدود اللحظة تمتلك تصورا واضحا لإنهاءالموسم الحالي، فمابالكم بتلك الخريطة المدرسية التي عادة ما يبدأ العمل بها والإعداد لها انطلاقا من بداية شهر أبريل. وها نحن على مشارف يونيو ولا شيء يلوح في الأفق يؤسس لها، بما يعني أن عدم إنهاء الإشكال (المادي) القائم حاليا سيوف ينقل ذات الفوضى القائمة إلى السنة الدراسية المقبلة وهنا ستضرب مصداقية الرسالة التربوية للتعليم الخصوصي في الصميم ضدا على إرادة جيل صاعد وفي مقابل البحث عن الربح المادي ولو في ظل الجائحة. وأما الحديث عن تقييم العملية التعلمية عن بعد فذلك ضرب من الخيال، فاستيعاب المواد والمدارك المعرفية في نظر المؤسسات الخصوصية، يبدو وكأنه تم 100% وما ينقصنا هو واجب أداء تلك الخدمة الكاملة ...يا سبحان الله! إن جوهر ما يطالب به أولياء الأمور ليس الامتناع الكلي أو رفض أداء المستحقات المدرسية بل أداء مقابل وفي حدود جودة الخدمة عن بعد، وتعويض لهم - ولو نسبي - عن استثماراتهم في ظل الظروف الحرجة من معدات من أجل المواكبة، دون أن ننسى أنهم سيصبحون أمام واقع الساعات الإضافية من أجل، على الأقل، ترميم العطب والعطل الذي أعاق استكمال المقرر الدراسي والذي أكيد ستتنصل لاحقا المدارس الخصوصية منه. حديثي عن الموضوع لا يعني أنني متخصص في الشأن ذي الصلة بالتعليم الخصوصي، بل مجرد استقراء بسيط لواقع الحال من فاعل جمعوي مما يجعل تناولي له قد يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ، لكنه في جميع الأحوال تعبير عن كرونات (لوبيات) في زمن كورونا بما يعني أن كورونا ليست آفة صحية وفقط، بل إن آثارها أكبر بكثير من المعطى الصحي، وتلك الآثار لربما على ما يبدو ستطول بضعفنا وعجزنا عن استخلاص الدروس والعبر منها واستغلالها إيجابيا وخاصة مبدأ التضامن الذي أصبح ضمير مستتر تقديره المصلحة الخاصة وهذا ما يجعلنا جميعا أمام مسؤلية وأمانة تاريخية مفادها ضرورة رد الاعتبار للمدرسة العمومية لتفادي لعلنة الأجيال القادمة. *فاعل جمعوي