قال المصطفى شويكي، أستاذ باحث في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن "التاريخ العريق للمغرب يشهد أن المدينة قد تميزت منذ قرون عديدة بريادتها الثقافية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية، يشهد مختلف المغاربة على أننا شعب له من التقاليد الحضرية ما يجعل ثقله الحضاري وازنا، وله من التأثير ما يعطيه اليوم ثقلا يمكنه أو يجب عليه أن يفتخر به". وأضاف شويكي، في مقالة تحت عنوان "كورونا والمدينة المغربية"، أن "المغرب الذي يضم مجموعة لا يستهان بها من المدن المصنفة تراثا عالميا، لا يمكنه أن يصبح معرضا بهذه السهولة لتصرفات يندى لعا الجبين، والمدينة المغربية التي شكلت قديما ملاذا آمنا للفارين من ويلات الأوبئة لا يمكنها أن تشهد اليوم سكانها يأكلون لحم بعضهم البعض". وتابع الباحث: "هذا ما يدفع كل مرء أن يتساءل كيف أحدثت جائحة كورونا زلزالا من هذا الثقل في هذا البلد وغيره من البلدان العريقة؟ فالمغرب قد عرف عبر تاريخه الطويل أوبئة عديدة سجل لها التاريخ وقعا اقتصاديا أكيدا، لكنه لم يسجل لها وقعا متعدد الجوانب مثل ما حدث مع هذه الجائحة". "من أبرز ما جاءت به جائحة كورونا أنها تمكنت من جعل ذاكرة النسيان تتنامى لدى معظم المغاربة، الذين أصبحوا يتناسون أشياء يومية كثيرة ليركزوا اهتمامهم حول هذه الجائحة في حذ ذاتها؛ فقد أدى الاهتمام المبالغ فيه من طرف وسائل الإعلام بهذا الوباء وبالتأرجح اليومي لمنحنيات أعداد المصابين والمتعافين والوفيات، إلى خلق قضايا يومية جديدة يتمحور حولها اهتمام وأحاديث الكل وفي كل الأحيان واللحظات"، وفق المقالة. وأورد الكاتب أنه "في مقابل ذلك، غابت عن اهتمام الكثير القضايا التي ظلت لسنين تشكل الهاجس اليومي للعديد من الفئات، وغاب عنهم العجز المزمن للمدن التي يعيشون بها والنواقص التي تطبع حياتهم اليومية. في زمن كورونا، لم تعد المدينة تركز اهتمام سكانها حول ظروف العيش والمتطلبات اليومية للحياة والشغل وكل ما يتعلق بحياة الأبناء من دراسة وآفاق المستقبل، بحيث أصبح الحاضر في بعده اليومي الشغل الشاغل للكل والهاجس الملازم لكل واحد، حيث استطاعت كورونا أن تغيب عن الكثير إن لم يكن الكل التفكير في المستقبل، بل وحتى في الغد القريب". المدينة الحالية كما يجليها وباء كورونا أكد الأستاذ الجامعي أن "المدينة أصبحت اليوم أكثر من الأمس إطارا للتفكير الآني أكثر من إطار لبناء المستقبل وتحسين ظروف العيش، ووضع المشاريع والمخططات تحسبا لمتطلبات ظروف الحياة، بحيث إن التقلب أصبح معاشا وليس متوقعا"، وزاد: "أصبحت المدينة مجالا للتفكير في المستقبل المحتكر من طرف فئات محدودة. وفي هذا الصدد أصبحنا نسمع دون اكتراث كبير لما يتم تحضيره لما بعد الوباء وعن التحولات التي يتم إعدادها والمستجدات التي يتم تحضيرها والتحضير لها". وواصل الكاتب أنه "أصبحنا نرى واضحا مدننا تخلق الحواجز تلو الأخرى في ميدان المحاربة الجماعية والتضامنية للوباء، وتعددت بذلك الخسائر المادية والمعنوية التي تكبدها المجتمع والمدينة معا في معركتهما ضد الوباء، وبذلك أصبحت الأزمة تفرخ الأزمات. المهم في كل هذا أننا نعيش اليوم مرحلة الدخول في حقبة جديدة من تاريخ المدينة كإطار للحياة ومن تاريخ العالم ككل، تتميز كلاهما ببروز مشروع جديد للقيم والمبادئ التي يبدو أن الأولوية المطلقة فيها ستكون للفرد على حساب الجماعة". وزاد: "هذا الوباء يعمل اليوم على تكريس أولوية الفرد ككيان قائم الذات لا يكترث إلا بنفسه حتى داخل أسرته الصغيرة، وهنا سيكون على من يتحملون مسؤولية تصور وإعداد الوحدات السكنية التفكير في ظروف عيش المستقبل التي من الأكيد أنها ستكون مختلفة عما نعيش عليه اليوم، فالثقافة الحضرية لن تستمر على المنحى الذي كانت تسير عليه إلى يومنا هذا". واسترسل: "من المؤكد أيضا أن كورونا قد أبانت على أن المدن الكبرى لم تعد تشكل إطارا ملائما للحياة السليمة بالنسبة للسكان ولا إطارا سهلا للتدبير بالنسبة للسلطات، وقد أبرزت عملية الحجر الصحي تعدد المعوقات على كل هذه الأصعدة، كما أبرز ضيق الأزقة وسوء تهييئ الشوارع وانعدام ضبطها وانعدام سلاسة المحاور الطرقية، وتفاقم مشاكل التدخل السريع وصعوبات فرض حظر التجول والالتزام بالحجر الصحي؛ كما أن الحجر الصحي لم يكن دون تأثيرات سلبية على معنويات السكان وعلى توازناتهم النفسية، خاصة في الأحياء كثيفة السكان وضعيفة التجهيز، حيث كان عموما لضعف إنجاز وثائق التعمير ولتعدد الخروقات التي تتعرض لها وقع كبير عبر تفاقم الأوضاع الميدانية عند الحاجة لفعاليتها في الأوقات الصعبة". المدينة المستقبلية كما تجليها جائحة كورونا تبعا لذلك، لفت كاتب المقالة إلى أن "مرحلة الحجر الصحي التي نعيش على إيقاعها اليوم لن تنتهي كما بدأت، بل لا بد أن يكون لها استمرار مادي ومعنوي لا يخلو من ثقل على حياتنا الحضرية اليومية في المستقبل"، وأردف: "بالتأكيد، فالوباء الحالي سيشكل منعطفا حاسما في تاريخ المدينة كإطار للحياة وعلى العالم كمحيط شامل، فالمدينة كحقل حضاري وحضري لن تخرج من المنعطف الحالي دون أن تشهد تحولات على أصعدة مختلفة، لأنه لا يمكن للأفراد أن يتحولوا دون أن يكون تحولهم خاليا من التأثير على الإطار المادي والمجتمعي الذي يعيشون داخله ويتفاعلون معه، وستكون الوحدة السكنية من المحيطات التي لن تنجو من هذا التحول". وأبرز أنه "سيكون على كل واحد منا أن يعول أكثر على نفسه وأن يستعد لمواجهة مشاكله بنفسه ولوحده، مع الاستعداد ليس فقط لمواجهة الغياب المتزايد للدولة، بل أيضا لمواجهة الحضور المتصاعد للوحوش التي سيكون مرغما على العيش بينها، وبالتالي فكل واحد منا مطالب بأن يعمل أكثر ما في وسعه لجعل أبنائه أكثر استعدادا منه من حيث المناعة المادية والمعنوية لمواجهة فترة ما بعد كورونا التي لن تكون بالتأكيد أكثر سهولة من اليوم". وخلص الباحث إلى أن "المدينة كما تم تحويرها عن مسارها المخطط قد أصبحت أداة لنسف كل المجهودات وللحد من فعالية كل القواعد الأساسية للسير السليم وللإطار الناجع للحياة العصرية، ولإفشال كل المجهودات المبذولة من أجل تيسير تعايش السكان، وللحد من دور المؤسسات العمومية في إرساء قواعد تدبير حضري ناجع، ولعرقلة المبادرات الإنسانية للأفراد والجماعات". المدينة وتحول نظام المبادئ والقيم المصطفى شويكي أكد أن "نظام التعليم دشن في عهد كورونا أسلوب التعليم عن بعد، وهذا المشروع لن يكون كما قيل ظرفيا، بل سيكون بالتأكيد بداية مسلسل لن يتوقف مع زوال وباء كورونا، وبالتالي على وحدات السكن أن تكون مستقبلا قابلة لتوفير ظروف العمل بها لكل أبناء كل أسرة". وتابع بأن "المدينة كمختبر وكحقل لتفريخ الأنشطة غير المهيكلة بينت عن عدم ملاءمتها للتكيف مع أي فترة استثنائية أو أي إجراءات للطوارئ، فقد تأكد بما لا يدعو إلى الشك أن المدن الليبرالية المتوحشة التي تتنافى أصلا مع دقة الضوابط والقوانين لم تسهل مأمورية العاملين على تدبيرها ولا لمحاربة انتشار الوباء بها، فالمدن المغربية التي تعاني من عجز متفاقم في ميدان التجهيزات العمومية بمختلف مستوياتها قد أبانت عن عجزها على الإسهام بالحد الأدنى في محاربة هذا الوباء". واستطرد قائلا: "فعلى كل هذه المستويات، يجب تركيز التفكير فيما بعد كورونا، بحيث إن إعداد وتهييئ المدن وفق مبادئ الليبرالية المطلقة قد أبان عن محدوديته وعن عدم ملاءمته لأي مكان وفي أي زمان، فطابعه المطلق مجرد افتراض محدود على مختلف المستويات"، مضيفا أن المدينة المغربية كما تم تصورها وتوظيفها وتدبيرها إلى حد الآن، "أبانت عن العديد من الثغرات والنواقص التي تتطلب اليوم أكثر من الأمس إعادة النظر في مبادئ وقواعد التعمير والهندسة، من أجل إخراجها من المأزق النظري والعملياتي الذي يكمن خلف واقعها الحالي، فقد شكل بالفعل هذا الوباء فرصة قد لا تعوض للتفكير في أسلوب التعمير والتدبير الذي لم نعط لنفسنا الوقت الكافي إلى حد الآن لتعميق نظرتنا إليه ولتقييم نتائجه ولتقويم العيوب التي تشوبه". "إن الضغوطات المتعددة والمتشابكة التي يمارسها اليوم هذا الوباء على مختلف المرافق الاقتصادية لن يتوقف تأثيرها مباشرة مع نهاية هذه الجائحة، بل ستكون لها امتدادات لا يعلم أحد متى ستتوقف وإلى أي حد ستستمر. وإذا كان من المرجح أن الضغط على الأنشطة الاقتصادية سيكون بعيد المدى، فإن تجاوز الأزمة لن يكون بالتأكيد في متناول جميع المغاربة، وسيكون لذلك وقع كبير على المدن كأسواق للشغل وللرواج؛ وهذا من شأنه أن يغير الكثير في نموها وتطورها"، تبعا للمقالة. وأورد المصدر ذاته أنه "لن يكون من اليسير أن تسترجع المدينة حيويتها ونشاطها خلال فترة قصيرة ويسيرة، فالأمر سيطلب لا محالة وقتا ليس بالقصير لتدب الحياة في المدينة وتعود الأمور إلى مسارها والمياه إلى مجاريها، فاستخلاص الدروس والعبر من هذه الأزمة لن يكون بين عشية وضحاها، ولكي يسترجع كل فرد نمط عيشه وإيقاع حياته سيكون عليه مراجعة نفسه وطريقة رؤيته للحياة الحضرية، بمعنى أن على كل واحد منا الاستعداد لتقبل تحولات لن تكون بالتأكيد سهلة ولا مقبولة بشكل مطلق". لذلك، "على كل واحد الاستعداد للتحولات التي أدخلها نظام الحجر الصحي على حياتنا وممارساتنا؛ ومن ثمة فالإقلاع الفردي والجماعي لن يكون مجرد مسألة وقت، بل قبل كل شيء مسألة تحول في الاقتناعات والنظريات والتصورات الكامنة خلفها، فالأدوار والمسؤوليات التي اكتسبتها السلطة التنفيذية وآلياتها لن تتوقف حيث بدأت، والممارسات اليومية للمواطنين لن تعود بالتأكيد إلى ما كانت عليه قبل الوباء"، حسَب كاتب المقالة. ومضى شويكي قائلا: "نظرا لكل هذا، فقد أحدث هذا الوباء منعطفا في الحياة الحضرية لن يكون من السهل تناسيه أو تجاهله مستقبلا، وسيكون المناخ الاجتماعي الحقل الأول الذي سيشهد تحولات أكيدة لم تكن مدينة ما قبل الوباء معدة له، حيث أبان عدم توفر شرائح عديدة على ضمان اجتماعي، وحتى على استعداد مادي لمواجهة أزمة طارئة، عن هشاشة العديد من الأوضاع الاجتماعية وعن تعدد الثغرات داخل المجتمع، وهذا ما سيطرح قضايا عديدة في المستقبل تكون مسألة الثقة في مقدمتها. كما سيكون من الصعب على العديد من الفئات الاجتماعية استرجاع مكانتها في سوق الشغل، وبالأحرى ضمان مصدر عيش أكيد ودائم، خاصة وأن العالم يتجه نحو تفاقم أكبر للفوارق بين البلدان والفئات الاجتماعية، الشيء الذي من شأنه الاسهام في تزايد حدة الجشع والطمع". وأضاف أن "كل التحولات والمستجدات التي واكبت هذا الوباء تبرز أن مدننا قد عولت كثيرا على الدولة للحد من تبعات هذه الجائحة نظرا لقلة معداتها الصحية وضعف تجهيزات القرب بها ليس فقط بالنسبة للفئات الضعيفة بل حتى بالنسبة للفئات الميسورة، وهذا ما جعل الدولة قد رسخت مكانتها كملاذ للجميع رغم تفاقم عجزها مواردها. وتأكد بالملموس أننا لا نتوفر على مدن مكتملة بمعنى الكلمة". وأشار إلى أن "ذلك تجلى على المستوى الاقتصادي أيضا، حيث إن العديد من الشرائح الاجتماعية المحسوبة نظريا على الأوساط الميسورة أبرزت حدة طمعها من خلال المطالبة بنصيب من الصندوق الخاص لمواجهة الجائحة؛ ومن ثمة تجلى واضحا أن الفقر ليس مجرد مسألة مالية أو مادية، بل هو أيضا مسألة حضرية وحضارية لم تفلح المدينة المغربية في تكريس الثقافة الحاملة لها". وأوضح الكاتب أن كثيرا من الأحلام والآمال التي تستعمل في تسويق المدن المغربية كإطار لحياة ملائمة وتتوفر بها كل شروط الحياة العصرية سقطت، "أو بالأصح سقطت أحلام العديد من الفئات التي عولت على المدينة كأمل لتحسين أوضاعها وللنهوض بحياتها وضمان مستقبل أبنائها؛ ومن ثمة فهل مدننا قادرة على مواجهة هذه الأزمة وتجاوز تبعاتها على مختلف المستويات وتصحيح الأخطاء التي تراكمت وتعددت بها وعبرها؟ غير أن البعد الدولي الذي اتخذته هذه الأزمة يفرض الاعتقاد أن الدول العظمى ستكون أول من يفلت من تبعاتها، وبالتالي علينا أن نعول على أنفسنا من أجل تجاوز هذه الآفة؛ وهذا ما يفرض أولا وقبل كل شيء رد الاعتبار لثقافتنا الحضرية ولتراثنا العريق، من أجل التحكم أكثر في كل ما من شأنه أن يعرقل التطور السليم لمدننا ومجتمعنا". تساؤلات حول المدينة لا تبعث على الاطمئنان ولفت الكاتب إلى تعدد "أشكال ومستويات الطمع عبر تنوع الحيل والتدلسيات، من كمامات مزيفة وجمع التبرعات بأشكال مغشوشة والسرقات والجرائم الموصوفة والإشاعات الملغومة، وكل أنواع الأخلاقيات التي لا تخطر بالبال، الشيء الذي جعل الجو الاجتماعي يزداد توترا وتشنجا، وساهم كل ذلك في جعل المدينة لم تعد تبعث على الاطمئنان، وهذا ما يفرض توجيه بعض الأسئلة إلى كل من يتفننون في وضع العراقيل تلو الأخرى في وجه حملة محاربة الوباء". ومن بين الأسئلة التي طرحها الباحث: "هل بإمكان الدولة لوحدها الاستمرار في هذه الحملة إلى ما لا نهاية؟ إلى أي حد يمكن أن تساهم السلوكيات المتوحشة في ترسيخ بعض مظاهر فكر الابتزاز وثقافة التوحش؟ أليس من الضروري على كل واحد أن يساهم في محافظة المجتمع والبلد ككل في عدم فقدان تقاليده العريقة وثقافته الأصيلة؟ هل يمكن لوباء في هذه العصور المتطورة أن يدفع العديد من الفئات المحسوبة على النخبة الاجتماعية أن تنزل إلى مستوى المتاجرة في جزء من الشعب المغربي بغية ربح دراهم معدودة؟ هل بإمكان وباء كيفما كانت حدته أن يخرب ما بنته أمة بأكملها من تاريخ ومن حضارة بين عشية وضحاها؟". وأورد المصدر عينه مجموعة أخرى من التساؤلات، من قبيل: "هل يمكن لفئات اجتماعية يعول عليها البلد برمته في تشييد صرحه وترسيخ بنياته الاجتماعية أن تبيع ضميرها ووطنها من أجل ربح دراهم معدودة؟ هل من حق أي فرد في المجتمع أن يدمر ما اكتسبه أبناء شعب بأكمله بتضحياتهم ونضالاتهم بل بأرواحهم من أجل بناء وطن ما زال الجميع يأمل في الرقي به إلى ما هو أفضل؟ أي ثقافة أصبحت سائدة بمدن يشهد التاريخ بترسخ جذورها الثقافية والحضارية؟ كيف تقلصت المسافة الصحية والمسافة الأخلاقية إلى مستوى لم يعد أي تمييز بينهما؟". واعتبر الكاتب أن "إجابة عن مختلف هذه الأسئلة ليس من شأنها أن تحدد مستفيدين وخاسرين من جراء هذا الامتحان، ما دام مصير المدينة ككل والبلاد بأكملها هو المعني أولا وقبل كل شيء بنتائج هذه الجائحة، فالتقييم بالتمييز بين النجاح والخسران لن يكون هنا ناجعا كليا ما دامت الانعكاسات السلبية حاضرة بثقل كبير وتهم شرائح متعددة، وكل من يعتبر نفسه ناجحا بعد هذه الجائحة يكون أكثر خسارة مادام لم يقيم النتائج إلا من زاوية واحدة فقط". وأضاف أن "الانكماش على الذات رجع للواجهة وأصبح البعض يعتقد أنه سيصبح سيد الحياة التي ستنحصر كل أبعادها في الفرد في وقت أصبح فيه الحجر هو القاعدة السائدة على الجميع والرمز السائد على مختلف مبادئ الحياة وقيم المجتمع، وهذا ما لا يمكن أن يكون لدى بشرية بنت نفسها على تبادل وتشابك المصالح، ورسخت وجودها من خلال قيم وأخلاق لا يمكن للفرد إلا أن يكون فيها جزءا من كل". وأوضح المصطفى شويكي أن "الحل الأول والحاسم في تجاوز هذه الأزمة وتبعاتها يكمن في تغير تفكير وسلوكيات أفراد المجتمع لجعلها ترقى إلى ما فوق واقع الأزمة وتبعاته، وذلك للتمكن من تغيير ظروف العيش والواقع المؤثر فيها، فالأزمة زعزعت في آن واحد العرض والطلب، ما جعل الفجوات التي يتسلل عبرها الانتهازيون والمتلاعبون تتعدد وتتنوع، وخريطة الفقر تتغير وتتوسع، والدولة فقدت الكثير من توازناتها ومن قدراتها، بحيث تعددت أمام أعينها حالات الغش في وسائل ومناهج محاربة الوباء".