أثرت جائحة كورونا على اقتصادات الدول، وأضرت بمدخول الأجراء والعاملين في القطاع غير المهيكل، ما جعل فئة منهم غير قادرة على أداء واجبات الكراء في ظل ظرفية غير مسبوقة تستدعي إجراءات استثنائية لمواكبة هذا الوضع. وإذا كان عدد من أصحاب محلات السكنى والاستعمال المهني قد تفهموا الوضع الحالي وأبدوا تضامناً مع المكترين لديهم من خلال تأجيل أو الإعفاء من أداء السومة الكرائية مرحلياً، فإن آخرين لجؤوا إلى الإجبار على الأداء أو طلب حكم بالإفراغ لأن سومة الكراء تعتبر مصدر عيش لهم أيضاً. ولتجاوز هذا الوضع، تقدم برلمانيون بمجلس النواب بمقترحين يهدفان إلى تعديل مقتضيات القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو الاستعمال المهني، والقانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري. وتروم مقترحات التعديل، التي قدمها فريق حزب الأصالة والمعاصرة، تضمين القانونين سالفي الذكر مقتضيات تنص على عدم الحكم بالإفراغ إذا تعذر على المكتري أداء الوجيبة الكرائية بسبب القوة القاهرة حسب مفهوم الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود، في حال طلب المكري فسخ عقد الكراء. كما دعا البرلمانيون، ضمن المقترح الذي أحيل على لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، الجمعة، إضافة مقتضيات تؤكد أن "المكتري يبقى ملزماً بأداء ما تخلد بذمته داخل أجل أقصاه سنة واحدة من انتهاء القوة القاهرة تحت طائلة اعتباره في حالة مطل موجب للحكم بالإفراغ". وربط الفريق النيابي صاحب المبادرة مقترحاته بمرسوم حالة الطوارئ الصحية الذي تنص مادته الثالثة على إمكانية قيام الحكومة باتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية الأشخاص وضمان سلامتهم. وقد تقدم في هذا الصدد أيضاً فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب بمقترح قانون يروم عدم ترتيب واقعة المطل على عدم الأداء طيلة فترة الحجر الصحي، من خلال جعل الوجيبة الكرائية ديناً عادياً عن مدة حالة الطوارئ يمكن استيفاؤها بعد انتهاء فترتها. وينص المقترح على أنه لا يترتب عن عدم أداء السومة الكرائية عن المدة المذكورة فسخ عقود الكراء، ولا تستحق عنها فوائد ولا تعويضات عن التأخير في الأداء، على أن تمنح للمدين مهلة أداء لا تتعدى 90 يوماً حسب ظروف كل نازلة وحسب وضعيته. كما تقدم الفريق الاشتراكي أيضاً بمقترح قانون في السياق نفسه لجعل المبالغ الكرائية العالقة بذمة المكتري عن فترة حالة الطوارئ الصحية ديناً عادياً يُستوفى بالمساطر القانونية المعمول بها دون اعتبار ذلك تماطلاً موجباً للإفراغ دون تعويض. لكن المقترحات سالفة الذكر ستبقى مرهونة بموافقة الحكومة قبل الشروع في مناقشتها واعتمادها داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب لتمر عبر المسطرة التشريعية قبل أن تصبح قانوناً مطبقاً، وفي ظل الظرفية الحالية التي قل فيها مستوى اشتغال البرلمان، تبقى حظوظ الموافقة ضئيلة جداً. ويرى عدد من المعنيين بهذه المقترحات أن الحكومة أغفلت هذا الجانب الهام؛ إذ لم تقم بسن إجراءات في بداية حالة الطوارئ الصحية، خصوصاً أن الأمر يهم فئة هشة، على رأسها الطلبة والأسر العاملة في القطاع غير المهيكل، إضافة إلى الأجراء الذين أصبح معظمهم في توقف مؤقت عن العمل يتلقى تعويضاً لا يتجاوز 2000 درهم.