وداعًا "سي عبد الرحمان اليوسفي".. هكذا نعى المغاربة على وسائل التواصل الاجتماعي، الذين منعتهم جائحة "كورونا" من المشي خلف نعش الوزير الأول الأسبق، الرجل الذي مات شامخا وفيا لمبادئه ولوطنه. وفقد المغرب، الجمعة، واحدا من أحد أبرز المناضلين والسياسيين في تاريخ المغرب المعاصر، تاركا وراءه تجربة حافلة بالنبل السياسي بعدما ساهم في الانتقال السلس للعرش في المغرب، بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني واعتلاء الملك محمد السادس الحكم. ونعت تنظيمات سياسية داخل المغرب وخارجه قائد تجربة الانتقال الديمقراطي (1998-2002)، وهو الرجل الذي رافقته العناية الملكية إلى آخر لحظة في عمره، عرفانا لمساهمته في بناء أسس المغرب الحديث. من الصحافة إلى المحاماة ثم إلى النضال والسياسة والمسؤولية، حرص عبد الرحمان اليوسفي على الإخلاص في عمله والوفاء لتاريخه النضالي، في وقت كان المغرب يعيش فيه ظروفا سياسية صعبة، خصوصا في مرحلة ما سمي في المغرب ب"التناوب التوافقي"، التي اشتهرت بالمكر السياسي والدسائس. وفي يوليوز 2019، أطلق الملك محمد السادس اسم "الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي" على فوج الضباط الجدد، وقبل هذا التاريخ أشرف الملك محمد السادس، بطنجة، على تدشين شارع "عبد الرحمان اليوسفي"، تكريما لأحد أبناء طنجة وكبار شخصيات الحركة الوطنية، ورجل الدولة الذي طالما أبان عن تفانيه الكبير وحكمته وتبصره ونكران الذات في الاضطلاع بمسؤولياته، وهو احتفاء لم يسبق أن شهدته شخصية سياسية مغربية من قبل المؤسسة الملكية في العصر الحديث. وظل الملك محمد السادس، في كثير من المحطات السياسية في تاريخ المغرب، يستشير المناضل عبد الرحمان اليوسفي رغم اعتزاله السياسة، خصوصا في ملف الصحراء المغربية وفي أول حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية سنة 2011. وُوري جثمان الراحل اليوسفي الثرى بجانب رفيق دربه الوطني الكبير عبد الله إبراهيم، ليظل شامخا بتاريخه، إذ رفض تعويضات الريع السياسي غير المبررة قانونيا، التي يلهثُ وراءها اليوم كثير من الزعامات.