أكدت دراسة أنجزها إدريس الفينا، خبير اقتصادي ورئيس المركز المستقل للتحليلات الإستراتيجية، أن إستراتيجية رفع الحجر الصحي بالمغرب يجب أن تستند إلى المؤشرات الإستراتيجية للأوبئة والتجارب الدولية. ويرى الخبير، في دراسة بعنوان "مشروع إستراتيجية رفع الحجر الصحي وإنعاش الاقتصاد المغربي"، أنه لا يجب الاعتماد على نماذج التوقعات؛ لأنها تقدم فقط إمكانيات التطور في المستقبل لمعرفة وقت اختفاء الأوبئة بناءً على فرضيات غير مؤكدة. وبناءً على التحليلات التي قام بها الفينا، فإن المؤشرات الخاصة بوباء فيروس كورونا المستجد تضع المغرب ضمن الدول الأقل تضرراً، كما أن المؤشرات الإستراتيجية للوباء تبقى إلى حد الساعة متحكم فيها، والمنظومة الصحية تعطي نتائج إيجابي؛ لكنها تتطلب التعزيز والتقوية. وفي نظر الأستاذ الجامعي بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في الرباط، فإن التحديات المطلوبة مواجهتها عديدة؛ لكن الأساسي هو اتخاذ الخيارات والقرارات الصحيحة في الوقت المناسب، لأن أي تأخير ستترتب عنه تكاليف لا تطاق. التحديات التي تفرض نفسها ترتبط بالفاعلين الاقتصاديين، إذ إن الاستمرار في الحجر الصحي سيُفاقم الأزمة وتكون التكلفة آنذاك كبيرة وستصل الأزمة إلى الدولة بشكل غير مباشر عن طريق انخفاض الضرائب والرسوم. أما بالنسبة إلى المواطنين، فإن الاستمرار في إجراء الحجر الصحي سيتسبب في فقدان مناصب الشغل كبيرة وانخفاض مداخيل الأسر وتدهور الادخار وتضرر القدرة الشرائية، وبالتالي خطر عدم الاستقرار الاجتماعي والمالي. وتقول الدراسة إن على الدولة أن تأخذ بعين الاعتبار مختلف تحديات الأزمة، وأن تعمل على تقييم نتائج قرار فيما يخص الأرباح والخسائر بناءً على تحليل يأخذ بعين الاعتبار المدى الطويل للسيناريوهات المحتملة. ولتنفيذ رفع الحجر الصحي بدون مخاطر، يقترح الخبير ذاته إستراتيجية بأربعة مبادئ: الأول يتمثل في التدريج، والثاني في الاستمرار في عملية الرفع كلما كانت المؤشرات الإستراتيجية للوباء توجد ضمن العتبات الجيدة. أما المبدأ الثالث الذي تقترحه الدراسة، فيهُم تقوية الوقاية من خلال فرض الارتداء الإجباري للكمامات واحترام الإجراءات الصحية. أما المبدأ الرابع فيشمل متابعة تعزيز المنظومة الصحية من أجل رفع نسبة الشفاء. ومن أجل إنجاح مخطط الانتعاش بعد رفع الحجر الصحي، يتوجب وفق الدراسة اتخاذ عدد من التدابير لتفادي السقوط في أزمة عميقة، وتعتبر الدراسة أنه من الضروري الإسراع برفع الحجر الصحي لتقليل الخسائر، لأن الرفع يعتبر في حد ذاته حلاً للأزمة. كما تدعو الدراسة إلى تحويل الأزمة لفرصة لتسريع تنمية البلاد من خلال إحداث صندوق إنعاش ب180 مليار درهم لتشجيع الاستثمار المُنتج وتعبئته عن طريق الاقتراضين الداخلي الخارجي، وتسريع الإصلاحات الكبرى؛ مثل الجهوية، وجودة الحكامة وبيئة الاستثمارات، والتصنيع على أسس جديدة والفلاحة.