عربت حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، والمحسوب على التيار الإخواني، اليوم السبت، عن تحفظها على مسودة الدستور التي طرحتها رئاسة الجمهورية للنقاش والإثراء، مؤكدة أنها بعيدة عن الطموحات المرجوة. وقالت الحركة في بيان أعقب اجتماع مكتبها التنفيذي أمس الجمعة إن ما توصلت إليه اللجنة التي كلفت بإعداد أرضية تعديل الدستور بعيد عما عبرت عنه أطياف الشعب الجزائري من خلال الحراك الشعبي ومطالب التغيير المجمع عليها. وأضافت الحركة أن ملاحظاتها تتمثل في كون "الوثيقة المقترحة لم تفصل مجددا في طبيعة النظام السياسي، إذ أبقته هجينا لا يمثل أي شكل من أشكال الأنظمة المعروفة في العالم (الرئاسية أو البرلمانية أو شبه الرئاسية)؛ إذ تحرم الأغلبية من حقها في التسيير، ولا تُلزم بتسمية رئيس الحكومة من الأغلبية وهو أمر يناقض كلية معنى الديمقراطية التمثيلية ويلغي جزءًا أساسيا وجوهريا من الإرادة الشعبية المعبر عنها في الانتخابات التشريعية". كما أشارت الهيئة ذاتها إلى حالة الغموض المتعلقة بمنصب نائب الرئيس من حيث دوره وصلاحياته وطريقة تعيينه؛ إضافة إلى أن بعض التدابير جاءت في المسودة بصيغة مبهمة وغامضة وقد تأخذ منحى بعديّا سيئا، ومن المفروض أنها تتطلب نقاشا مجتمعيا واسعا. ونوهت الحركة إلى أن التقييد بالإحالة للقوانين والتنظيم يمثل تهديدا حقيقيا مجرّبا للمكاسب المتعلقة بتأسيس الجمعيات وحرية الإعلام بمختلف أنواعه، مع عدم توفير أي ضمانات دستورية في المشروع لنزاهة الانتخابات، وعدم تجريم الوثيقة المقترحة للتزوير وعدم اتخاذها أي تدابير ردعية ضده باعتباره أكبر آفة، وهو أساس كل أزمات البلد. وذكرت الجهة ذاتها أن الوثيقة أخذت توجها شعبويا يؤدي إلى التضييق على الأحزاب من حيث التأسيس والممارسة السياسية والحق الكامل في تمثيل ناخبيهم، ولم تعط الصلاحيات الكافية للهيئات المنتخبة والكفيلة بتجسيد المادتين (7، 8) من الدستور، واللتين تمثلان مطلبا أساسيا من مطالب الحراك الشعبي. وأوضحت الهيئة نفسها أن الوثيقة تمثل تراجعا بخصوص استقلالية القضاء من حيث إلغاء التنصيص على حماية القاضي من كل أشكال الضغط والتحولات والمناورات، مع إبقاء المجلس الأعلى للقضاء تحت السلطة التنفيذية، إضافة إلى اعتماد تكريس آلية التعيين في المحكمة الدستورية، وحذرت من الرجوع للاقتصاد الممركز وعودة الفساد وضعف الفاعلية والتطور. وأعلنت الحركة أنها ستشرع في تعميق دراستها للمسودة بغرض تحديد موقفها النهائي على عدة مستويات، منها استشارة الخبراء والمختصين وتنظيم ندوات موضوعاتية بشأنها، والتشاور مع الشخصيات الوطنية والطبقة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة والمتنوعة. وأكدت الحركة الإسلامية أنها ستحدد موقفها وفق ما يحقق المصلحة الوطنية ويحقق تطلعات الشعب الجزائري ومطالب الحراك الشعبي، الذي هي جزء منه، وبما يضمن التوصل إلى تحول دستوري حقيقي يضمن التداول والشفافية والرقابة على الشأن العام، وينهي الذهنية الأبوية ويحقق التنمية ونهضة البلد والعدل والمساواة بين الجزائريين.