أثارت التصريحات الصادرة عن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حول غياب خريطة طريق للتعامل مع جائحة فيروس كورونا، الكثير من التساؤلات لدى المواطنين والمتتبعين، خصوصا أنه كان ينتظر من خروجه الإعلامي الكثير، وذلك بهدف طمأنة المغاربة، الأمر الذي لم يحدث. وعوض توضيح الصورة للرأي العام في هذه الظروف، إذ لا تفصل المغرب عن نهاية المرحلة الثانية من الطوارئ الصحية إلا 12 يوما، ظل الأمر معلقا رغم أن هناك الكثير من المحطات التي ينتظر فيها المغاربة أجوبة، ومنها تحديدا عيد الفطر ومآل الدراسة بالنسبة للمستويات الإشهادية. وبالعودة إلى التصريحات التي أدلى بها العثماني وما سبق أن كشفه عدد من الوزراء، يتضح أنه لا يوجد تنسيق بين مكونات الحكومة في موضوع يفترض الكثير من الوحدة في المعطيات، وهو ما يجعل الطوارئ الصحية دون خريطة طريق واضحة. وكان رئيس الحكومة فاجأ المغاربة أول أمس الخميس عندما قال: "ليس لدي تصور معين. هناك سيناريوهات وإمكانيات، واجتماعات مكثفة لنرى أحسن طريقة لتدبير المرحلة المقبلة، وسنعلن الإجراءات التي سيتم اتخاذها خلال الأيام المقبلة"، مضيفا: "يجب أن نعي أن الخروج من الحجر الصحي أصعب، وهذا يتطلب مزيدا من الصبر ومزيدا من الاحتياطات لنتفادى ما هو أسوأ". سيناريوهات القطاعات الحكومية وفي وقت قال العثماني إنه لا يملك تصورا لحالة الطوارئ الصحية، سبق لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن بدا واثقا وهو يؤكد أن الوزارة التي يشرف عليها ترى أنه "لا يتضح أنه سيكون هناك حل قريب، وهو ما يتطلب التعايش مع هذه الجائحة". أكثر من ذلك، وعند حلوله في لجنة الداخلية بمجلس النواب، قال وزير الداخلية: "الأيام المقبلة صعبة"، وزاد: "الدولة وضعت جميع السيناريوهات الممكنة لما بعد 20 ماي"؛ لكنه في المقابل يرى أن آخر إجراء هو فتح المجال للتنقل بين المدن. وزير الداخلية شدد على أن "الدولة تقوم بوضع جميع الاحتمالات، وتشتغل بقوة على هذه السيناريوهات، حسب وضعية انتشار الوباء بالمغرب في الأيام المقبلة"، كاشفا أن "التعامل مع الجائحة سيتم عبر الجوانب الصحية أولا ثم الاقتصادية، عبر فتح المعامل؛ بالإضافة إلى الجوانب الاجتماعية والمرتبطة بحركة سير المواطنين". ما بعد يونيو ويبدو من حديث رئيس الحكومة أنه لم ينسق بما فيه الكفاية مع وزيره في الشغل والإدماج المهني، الذي أعلن أنه "بعد نهاية شهر يونيو من المفروض أن تعود المقاولات بشكل متدرج إلى عملها"، مشيرا إلى أن "الإجراءات التي يتم اتخاذها من طرف الدولة ارتبطت بنهاية شهر يونيو". وفي هذا الصدد، أضاف المسؤول الحكومي أن هذا الأمر أصبح موضوع نقاش داخل لجنة اليقظة الاقتصادية، وخصوصا بداية من اللقاء المقبل، كاشفا أن عددا من المقاولات عمليا بدأت تشتغل بشكل متدرج بالكيفية التي لا تؤثر على الأولوية الكبيرة التي اشتغل بها المغرب منذ بداية الأزمة. كلام الوزير أمكراز زكته وثيقة رسمية لوزارة الصحة أكدت أن أول سيناريو لديها هو رفع إجراءات العزل بحلول الصيف، مع استمرار القيود على السفر الدولي والعمل عن بعد قدر الإمكان، مشيرة إلى أن "الحفاظ على التباعد الاجتماعي سيستمر بين 6 و12 شهرًا، مع سهولة السيطرة على عودة الوباء في الشتاء". الاستعداد للأسوأ في مقابل تأكيد وزارة الصحة أن قرار رفع الحجر الصحي يظل رهينا بمدى تراجع سرعة انتشار الفيروس، سبق لوزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون أن أوضح من جهته أن "السيناريوهات التي تتم دراستها تتحدث عن تباين كبير بين ما يتم توقعه بناء على استمرار الأزمة، لأننا نهيئ المغرب لأسوأ الحالات". وشدد وزير المالية في جوابه عن أسئلة للنواب على أن "المسؤولية هي ضمان استمرار مرافق البلاد"، مشيرا إلى أنه "من باب المسؤولية القول إن الوقت صعب، ويتضمن مشاكل اجتماعية؛ لأن هناك مرافق كبيرة يستفيد منها الاقتصاد الوطني تعطلت". إلى ذلك كشفت وزارة الصحة أنها بشراكة مع باقي القطاعات الأخرى بصدد وضع خطة عملية ودقيقة، مبرزة أنها تأخذ بعين الاعتبار جميع المؤشرات التي ستساهم في تحديد سيناريوهات رفع الحجر الصحي بشكل سليم وسلس، مشددة على ضرورة الحفاظ على قدرة المملكة على التحكم في الوباء وتجنب موجة انتشار ثانية.