إذا كانت تقاليد احتفال المغاربة بالمولد العظيم تختلف من مدينة لأخرى ومن هذه المنطقة لتلك، فإن القاسم المشترك في مظاهرها لديهم هو حرصهم على ارتداء الملابس التقليدية الجديدة وتبادل الزيارات، ومرافقة الأطفال عبر الخروج للنزهة وشراء هدايا لهم لتربيتهم على الارتباط بالنبي الكريم وبيوم مولده. ففي إحدى قرى جنوب المغرب الشرقي وبالضبط بزاوية سيدي صالح يتلو سكان الزاوية أمداحا نظمها الشيخ أبو العباس سيدي أحمد بن صالح أحد أبناء الفقيه ويخرجون في تظاهرة دينية لتلاوة البردة للبوصيري . ومع إشراقه يوم 12 من ربيع الأول من كل سنة هجرية تصدح الزاوية بمديح يعظم قدره صلى الله عليه وسلم ويربط أجبال المستقبل بسيرته العطرة. تبدأ الاحتفالات مباشرة بعد صلاة الفجر فبعد تلاوة الحزب الراتب في المسجد يبدأ الذكر في ساحة قرب المسجد تجمع كل رجال سكان القرية الصغيرة ويبدأ التنافس في مديحه صلى الله عليه وسلم بكلمات خالدات تركها البوصيري والتي يقول في بعض أبياتها: مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم محمد سيد الكونين والثقلين والفريقين من عرب ومن عجمِ نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبر في قولِ لا منه ولا نعم هو الحبيب الذي ترجى شفاعته لكل هولٍ من الأهوال مقتحم دعا إلى الله فالمستسكون به مستمسكون بحبلٍ غير منفصم فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم بهذه الأبيات وغيرها من القصائد يختم سكان الزاوية صباحهم في أجواء من الاحتفالية تكريما وتعظيما للمصطفى صلى الله عليه وسلم، وتعلقا بالرسول الكريم وتفانيهم في حبه. تذكيرا منهم بالمثل العليا للإسلام ومعانيه السامية، والحث على مراجعة الأمة الإسلامية لسيرتها الذاتية، وسلوكها في التربية على التآخي والمودة يجتمع سكان الزاوية فيما يشبه العائلة الواحدة في شكل تضامني وتآزر يعكس عظمة هذا الدين وكما وحدهم مدح خير البرية توحدهم وجبة واحدة يصبح معها الجميع إخوة صغارا وكبارا. هي واحدة من القيم التي يحاول البعض جرنا للتخلي عنها يقول أحد أبناء المنطقة، لكننا سنظل أوفياء لعادات ديننا ولتقاليده الأصيلة ولعادات وطننا الذي تميزنا عن الآخرين لأنني لا يمكنني أن أجد الكسكس في غير بلدي. إن مظاهر الاحتفال هاته تتنوع في هذه المنطقة من الجنوب الشرقي للمملكة ما بين الليالي الدينية القائمة على تدارس القرآن وتلاوة الأذكار والصلوات وقراءة الأمداح النبوية، وسرد السيرة النبوية والشمائل المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام ومجالس العلم والمواكب الدينية.