يبدو وقْع المعطيات التي تصل إلى الرأي العام عبر بلاغات الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء والمؤسسات الرسمية حول حجم العنف الذي يطال المغربيات في زمن الحجر الصحي، أخفّ بكثير من الواقع. العنف ضد النساء في المجتمع المغربي ليس شيئا مستجدّا؛ فقد ظلّت تقارير المؤسسات الرسمية ترصد منحنياته في تقاريرها الدورية، لكن الحجر الصحي زاد من وطأته، بعد أن وجدت النساء أنفسهنّ يقضين ساعات النهار والليل وجها لوجه مع أزواجهن في حيز مكاني واحد. "هناك أسَر تعيش في غرفة واحدة، وعندما طُبق الحجر الصحي أصبح الضغط هو السمة الأساسية لحياة أفرادها اليومية، بعد أن أصبحت المشاكل التي كانوا يتهرّبون منها في السابق بطرق مختلفة منتصبة أمامهم ولا حيلة لهم لتفاديها"، تقول بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة. وعلى الرغم من أن الفقر يعدّ من العوامل التي ترفع نسبة العنف ضد النساء، إلا أن ذلك لا يعني، حسب بشرى عبده، أنه يُرتكب فقط داخل الأسر الفقيرة، "فهناك أزواج ينتمون إلى الطبقة المتوسط والغنية، ولهم مستوى دراسي عال، يعنّفون زوجاتهم". وأوردت المتحدثة أن المرأة المغربية تتعرض لشتى أنواع العنف في زمن الحجر الصحي، من عنف جسدي مُبرح، إلى عنف اقتصادي ونفسي، كالسب والشتم والإهانة والتهديد بالطرد من بيت الزوجية... ويُرغِمُ وضع الحجر الصحي النساء المعنفات على الخضوع لأزواجهن؛ إذ لم تعد حتى إمكانية الهرب من البيت متاحة في ظل صعوبة التنقل. خلال الشهر الأول فقط من بدء الحجر الصحي، استقبلت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة 300 مكالمة هاتفية من نساء تعرّضن للعنف، وتمّ الاستماع إلى 31 امرأة معنّفة، وقُدمت إرشادات قانونية ل39 منهن، ومَنحت الجمعية مؤونة غذائية لعشرين امرأة. توضح بشرى عبده أن النساء المعنفات في ظرف الحجر الصحي يجدن صعوبة حتى في الاستفادة من الدعم النفسي عبر الهاتف، لأن تواجد الرجال داخل البيوت في أغلب الأوقات يجعلهن خائفات من التواصل مع المكلفين بهذه المهمة، فيضطررن إلى الانتظار إلى حين خروجهم لقضاء غرض ما. ونبّهت عدد من الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء إلى ارتفاع نسبة العنف ضد النساء خلال فترة الحجر الصحي، فيما أطلقت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة حملة تحسيسية يشارك فيها عدد من الفنانين والمؤثرين المغاربة، تحت شعار "العنف داء، ما نزيدوهش على الوباء". من جهته، نبّه المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى احتمال تزايد العنف، بمختلف أنواعه، ضد النساء، بسبب الظروف المرتبطة بالحجر الصحي والحد من التنقل والولوج إلى المساعدة والحماية. وتعاني النساء المعنّفات الويلات في زمن الحجر الصحي في ظل عدم توفر مراكز الإيواء المستجيبة لمعايير السلامة الصحية للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا. وفي هذا الإطار، أوردت بشرى عبده قصة سيدة قالت إن زوجها طردها من البيت قبل أذان المغرب بدقائق، ولم تجدْ مكانا تأوي إليه حتى لتناول وجبة الإفطار. ووجهت المتحدثة نداء إلى وزارة التضامن وإلى المنتخبين لتوفير فضاءات للإيواء تتوفر فيها شروط السلامة الصحية، وقالت: "بزافْ دْيالْ النساء غيرْ صابرينْ واخَّا كيْتعرِضو للعنف حيتْ ما عندْهومْشْ فينْ يمْشيوْ".