يعيش قطاع السياحة في المغرب، كما هو الحال في باقي بلدان العالم، أزمة غير مسبوقة، بعد أن توقفت الحركة السياحية بشكل كامل، جراء التدابير التي اتخذتها الدول للحيلولة دون تفشي جائحة فيروس "كورونا"، والتي كبّدت هذا القطاع خسائر مالية فادحة منذ بداية ظهور الوباء. ويَنتظر الفاعلون المحليون في قطاع السياحة الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لإنقاذ هذا القطاع من أزمته الخانقة، والتي يرجّح ألا يخرج منها في وقت مبكر، لكون حركة السياح تحتاج وقتا قبل العودة إلى وتيرتها الطبيعية، بعد أن ترفع الدُّول إجراءات الحجر الصحي المطبقة حاليا. وإذا كانت عجلة باقي القطاعات الاقتصادية، كالصناعة، لم تتوقف كليّا، ويُتوقع أن تعود المقاولات المتوقفة إلى استئناف نشاطها تدريجيا، بعد انتهاء الحجر الصحي، فإن السياحة لن تستعيد عافيتها إلا بعد حوالي سنة من الآن، حسب تقدير نجيب حنكور، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للنقل السياحي بالمغرب. وقال حنكور، في تصريح لهسبريس، إن قطاع السياحة يعاني، حاليا، من أزمة عميقة، "وإذا خرجنا من حالة الطوارئ الصحية في الأمد الذي حددته الحكومة، فإنّ السياحة لن تستعيد عافيتها إلا شهر مارس أو أبريل من السنة المقبلة"، مضيفا: "يمكن القول إن آخر قطاع سيتعافى من الأزمة الحالية هو السياحة". ويُعد القطاع السياحي واحدا من الركائز الأساسية للاقتصاد المغربي، ذلك أنه ثاني مساهم في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 11 في المائة، وثاني قطاع موفِّر لفرص الشغل، كما أنه يدرّ على خزينة الدولة ما يزيد على سبعين مليار درهم من العملة الصعبة سنويا. وتأتي أكبر نسبة من السياح الوافدين على المغرب من أوروبا؛ ولسوء حظ المغرب أن الدول التي يفد منها أكبر عدد من السياح، مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا، هي من أكثر الدول الأوروبية تضررا بجائحة كورونا، "وهذا معناه أن تعافي قطاع السياحة ببلدنا سيتطلب وقتا طويلا"، يقول نجيب حنكور. وذهب المتحدث إلى القول إن العاملين في قطاع السياحة بالمغرب "يعيشون وسط كارثة"، مضيفا: "الدولة وضعت الشق الاجتماعي على رأس أولوياتها في تدبير الأزمة الحالية، وهذا جيد؛ ولكن يجب على الحكومة ألا تنسى الاهتمام بقطاع السياحة. وقد نبّه الملك رئيسَ الحكومة إلى إعطاء الأولوية للصحة والسياحة، لأنها أكثر تضررا". وأزّم عدم تفاعل البنوك مع قرار الحكومة تمكين المقاولات من تأجيل سداد القروض وضعية الفاعلين في القطاع السياحي؛ وهو ما دفع بالنقابة الوطنية للنقل السياحي بالمغرب إلى الإعلان عن التحضير لخوض مسيرة احتجاجية واعتصام مفتوح في العاصمة الرباط، بعد رفع الحجر الصحي. وقالت النقابة، في بلاغ صادر عنها، إن البنوك نهجت سياسة "أبانت عن جشعها وضربت عرض الحائط قرارات لجنة اليقظة، حيث اعتمدت نموذجا لا يخدم مصلحة المقاولات ويخدم مصلحتها فقط"، مشيرة إلى أنها راسلت لجنة اليقظة عبر نواب برلمانيين؛ "لكن دون إجراء أي تدخلات جريئة في هذا الموضوع لدعم النقل السياحي، الذي أصيب بشلل اقتصادي". وأوضح نجيب حنكور أن المقاولات المشتغلة في القطاع السياحي قدمت طلبات بتأجيل تسديد الديون إلى البنوك، لكن هذه الأخيرة تقوم بإعادة جدولة القروض؛ وهو ما يعني إثقال كاهلهم بفوائد إضافية نظير التأجيل، فيما أنهم يطالبون بتأجيل عملية التسديد بدون فوائد لمدة ستة شهور قابلة للتجديد حسب الحالة الوبائية. وانتقد حنكور تعاطي الحكومة مع أزمة القطاع السياحي إلى حد الآن، قائلا: "الحكومة لم تفعل شيئا لإنقاذ السياحة"، مضيفا: "هناك من سائقي عربات النقل السياحي مَن امتهن مهنة أخرى، مثل بيع الخضر؛ لأن ألفي درهم التي تمنحها الدولة للمتوقفين مؤقتا عن العمل لا تكفي لشيء".