في آخر تقرير مطول حول قضية زايد أوحماد، بعد ما يزيد عن 16 شهرا من التحقيقات التي تلت مقتله في تدفالت نواحي تنغير، كتب رئيس الدائرة الأمنية لبومالن وتودغى، وهو يوجه نسخا إلى المسؤولين بكل من ورزازات ومراكش، يقول: "يسرني أن أرفع إليكم تقرير القبطان هنري، المكلف بالتحقيق، وتقارير رؤساء كل من مكتب تنغير ومكتب امسمرير، وأعرض عليكم أهم الخلاصات التي يمكن استنباطها". يحمل التقرير تاريخا متقدما، يونيو 1937، وهو ما يزيد عن سنة من مقتل المقاوم المغربي زايد أوحماد يوم 5 مارس 1936. يتكون التقرير من 4 صفحات، إضافة إلى ملاحق مستقلة بتوقيعات مختلفة أدرجها على اعتبار أن الوثيقة نهائية. يقول موقعها: "إن التحقيق المفتوح بخصوص أفعال عصابة زايد أوحماد التي تم تنفيذها في مختلف الأماكن التي طور فيها نشاطه من طرف القبطان هنري، بالتنسيق الفعال مع رؤساء المكاتب المعنية، يمكن اعتباره منتهٍ، على الأقل فيما يخص القضايا التي وقعت في هذه الدائرة". ويضيف: "إن التقرير المقتضب ليوم 26 ماي الموقع من طرف القبطان هنري يعرض نشأة قضية زايد أوحماد وتطورها المستمر، والبحث عن كل المتورطين والمتواطئين والمدعمين الفرديين أو الجماعيين، وتقارير رؤساء مكتبي كل من تنغير وامسمرير، تعرض الأعمال الوحشية، لائحة المجرمين، والمطالب العقابية". انفراج يتحدث التقرير الفرنسي عن انفراج حقيقي قاد إلى إيجاد مكان اختباء زايد أوحماد وتصفيته؛ إذ يورد: "لقد كان مجيء القبطان هنري إلى تنغير، رفقة أحد المتواطئين أواخر فبراير، قد أفاد التحقيق في القضية، وأتاح من يومها الاكتشاف الفوري للمتواطئين الفعالين، وتصفية زايد أوحماد و3 أشخاص من المتواطئين معه يوم 5 مارس بتدفالت". ويقصد الأشخاص الثلاثة من إڭناون الذين سبق الحديث عن كونهم تعرضوا للتصفية رفقة زايد أوحماد في اليوم نفسه، وإن كانت الرواية الشفوية تتحدث عن ستة قتلى في تدافالت بدل ثلاثة التي ذكرتها الرواية الفرنسية المكتوبة. وزاد محرر التقرير: "منذ هذا التاريخ والتحقيق يسير بسرعة فائقة، كل الهجمات المختلفة تمت إعادة ترتيبها، أما المدبرون لها فقد تم كشفهم وجلبهم للاعتراف أمام الشهود المقنعين الذين يعارضونهم، فكت عقدة لسان الكثيرين، أخيرا، في هذه القضية الشائكة والمعقدة". يتحدث التقرير عن التجمعات السكنية المتورطة في هذه القضية؛ إذ يوضح أن "المركز الرئيسي للإجرام في هذه القضية هو أيت سنان بتودغى، مع بعض القصور لعالية وسافلة تودغى، مع وجود أماكن (دواوير) أخرى في أيت مرغاد ن تايدرين بأمضغوس وتامتتوشت، وبعض قصور إمضغاس". وقد دافع العسكري عن أداء السلطات الفرنسية في هذه القضية رغم طول المدة التي لم تتمكن فيها الاستعلامات من وضع حد لنشاط مقاومة زايد أوحماد، حيث كتب: "لم يكن هناك أي تهاون أو تردد، رغم قلة الأدلة، لكن بخصوص أيت عطا أوسيكيس، وأيت عطا صاغرو، فالتحقيقات التي باشرها القبطان هنري لم تثمر أي دليل ضدهم، والأهالي المشتبه فيهم تم الافراج عنهم، فالاتهامات الموجهة إليهم والتبليغات التي تم التوصل بها ضدهم لم تكن ثابتة". وأضاف: "بدأت الحقيقة تظهر شيئا فشيئا من تصريحات الشهود والمواجهات التي أجريت، سواء في مكتب تنغير أو في مكتب امسمرير. الذنب ثابت والتهم بينة، سواء في التحقيق الذي أشرف عليه القبطان هنري، أو الملاحق التي أعدها رؤساء مكاتب تنغير وامسمرير". تراجع عن التصريحات أشار العسكري الفرنسي إلى أن الجهود قد استنفدت في هذه القضية، ولم يتبق سوى جمع الخلاصات؛ إذ يؤكد قائلا: "أما الآن، فالتحقيق لم يعد يتقدم. ومن المهم إغلاقه بأسرع وقت ممكن، لأن أمام كل تأخير في تنفيذ العقوبات والغرامات يبدأ صاحب أكبر إدانة، والذين قدموا اعترافات، بالتراجع عن تصريحاتهم". مثل جمرة ملتهبة يسعى شخص ما للتخلص منها بسرعة، يبدو من لغة هذا التقرير أن السلطات الفرنسية تسعى فقط لإغلاق الملف بأي طريقة، وأنها كانت تبحث عن متهمين مفترضين، مما يجعل فرضية توريط كثير ممن زج بهم في هذا الملف صحيحة، والبحث عن أكباش فداء كان واضحا من خلال هذه العبارات "إن الذين قدموا اعترافات يقولون إنها انتزعت منهم بالقوة. وإذا ما بدأنا التحقيق من البداية فلن نجد مذنبين عما قريب. وفي نظري، فإنه في الوقت الحالي على الأقل، يجب الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي توصلت إليها التحقيقات الحالية". يتبع