مجربة إمكانية استعادة الوهج من باب العمل الافتراضي، اجتازت المركزيات النقابية امتحان عيد الشغل هذه السنة، بشكل غير معتاد؛ فقد انحصر نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها احتفظت بنفس الأشكال التقليدية من الاحتجاج وبعث الرسائل. وقررت أغلب النقابات وضع برنامج افتراضي متنوع، لتغطية فاتح ماي، عبر كلمات قيادات وندوات افتراضية، ثم عودة إلى الماضي لاستحضار محطات تاريخية، نقلتها أشرطة وثائقية، في محاولة لإذكاء الحضور النقابي، رغم "التراجع" الحاصل منذ مدة. وراهنت النقابات بشدة على إمكانية الانفتاح على الجيل الجديد من الموظفين الذين فقدوا الثقة في العمل النقابي، واتجهوا نحو التنسيقيات، وذلك بحكم انفتاحهم الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي وحضورهم الدائم على منصاتها. واعتادت الطبقة العاملة، في كل عيد شغل، على تنظيم مسيرات احتجاجية وأشكال احتفالية، في مختلف ربوع البلاد؛ وهو ما سيجعل تخليد هذه السنة غريبا، خصوصا في سياق حلول شهر رمضان، واستمرار حالة الطوارئ الصحية بالمملكة. وتأتي احتفالات عيد للشغل لهذه السنة في أوضاع استثنائية، يسمها فيروس كورونا وظهور بعض "البؤر العمالية" في مدن متفرقة، ثم العديد من استمرار "بلوكاج" الملفات الخلافية مع الحكومة، ويتقدمها قانونا الإضراب والنقابات المثيران للجدل. ويعتبر العلمي الهوير، القيادي النقابي بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن الفرصة الحالية ستمكن النقابات بدورها من دخول العالم الافتراضي، مشيرا إلى أن الجميع بات الآن متوفرا على حساب بمواقع التواصل، ولا بد من مواكبة هذا الأمر. ويضيف الهوير، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه على الرغم من أهمية العمل الافتراضي، فإن الاحتجاج الميداني يبقى لبنة أساسية في فكر النقابة، مثمنا دور مواقع التواصل الاجتماعي على مستوى التعبئة؛ وهو ما يبرز بشكل جلي من خلال مناقشة مشروع قانون 22.20. ويشير القيادي النقابي إلى أن حضور النقابات على المواقع يمكن أن يطور مستقبلا، خصوصا مع تطور عالم الشغل بدوره؛ وهو ما يفرض المواكبة الدائمة للتكنولوجيات، مستدركا أنه على الرغم من كل ما يقال يظل الشارع لحظة احتجاجية أساسية، ويعمل به حتى في أكثر الدول تقدما تقنيا.