خلّف نشر بعض مقتضيات مشروع القانون المتعلق بتقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح، المصادق عليه من طرف الحكومة في المجلس الحكومي المنعقد يوم 19 مارس الماضي، عاصفة من الانتقادات والأسئلة، صبّت في اتجاه أن المشروع المذكور يروم "تكميم أفواه المغاربة". ويتضمّن نص مشروع قانون رقم 22.20 بنودا يرى منتقدو المشروع أنها تضرب في الصميم مبدأ حرية التعبير الذي يكفله دستور المملكة، فيما ذهب معلقون آخرون إلى القول إن الحكومة لجأت إليه ل"تكميم أفواه المغاربة"، كوسيلة للدفاع عن الشركات الكبرى، بعد الآثار الكبيرة لحملة المقاطعة التي خاضها المغاربة السنة الفارطة. وتنص المادة ال14 من مشروع القانون المذكور على أن كل من قام عمدا بالدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات والبضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض علانية على ذلك، عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات البث المفتوح، يعاقَب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50000 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط. العقوبة نفسها ستطال أيضا، بحسب ما جاء في المادة ال15 من نص المشروع، من قام عمدا بحمل العموم أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها؛ بينما يعاقَب من بث محتوى إلكترونيا يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا وخطرا على الصحة العامة والأمن البيئي، بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2000 إلى 20 ألف درهم. البلاغ الصادر عقب انعقاد المجلس الحكومي الأسبوعي، يوم 19 مارس، أشار إلى أن المجلس تدارس وصادق، فعلا، على مشروع قانون رقم 22.20، الذي قدمه وزير العدل؛ لكن البلاغ استدرك بأن المصادقة تمت "مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة في شأنه (مشروع القانون) بعد دراستها من طرف اللجنة التقنية ثم اللجنة الوزارية المحدثتين لهذا الغرض". الجملة الأخيرة الواردة في بلاغ المجلس الحكومي أثارت غموضا لدى المواطنين، حيث تساءل عدد منهم كيف للحكومة أن تصادق على مشروع قانون عُرض في اجتماع المجلس الحكومي، ثم تحيل المشروع بعد ذلك على لجنة تقنية للنظر فيه وتطويره ثم إحالته بعد ذلك على لجنة وزارية لاعتماده رسميا من طرف الحكومة قبل إحالته على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه. وفيما تعذر نيل رأي ديوان رئيس الحكومة ووزير العدل، أصدر مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان توضيحا نشره في صفحته على موقع "فيسبوك"، يفيد بأن مضامين مشروع القانون 22.20 المسرّبة هي التي طُرحت في المجلس الحكومي المنعقد يوم 19 مارس الماضي، لكن بعض أعضاء الحكومة اعترضوا عليها. وقال الرميد: "ما يتم تداوله حاليا من مضامين سبق الاعتراض عليها من قبل بعض أعضاء الحكومة، لذلك فإنها تبقى غير نهائية، ويبقى أي نقاش حول مواد بعينها سابق لأوانه"، مشيرا إلى إن الصيغة النهائية للمشروع "هي التي ستتم إحالتها على البرلمان، وهي التي يمكن مناقشتها وقبولها أو رفضها". وأضاف المسؤول الحكومي في توضيحه أن "البلاغ الصادر عن المجلس الحكومي، عقب الاجتماع الذي تمت فيه مناقشة مشروع القانون 20.22، بتاريخ 19 مارس 2020، تضمن ما يفيد بأن المجلس صادق على المشروع، على أن تتم مراجعته على ضوء ملاحظات السادة الوزراء من قبل لجنة تقنية وبعدها لجنة وزارية". من جهته، نشر نزار خيرون، مستشار سعد الدين العثماني، توضيحا على صفحته في "فيسبوك"، جاء فيه أن مشروع القانون 22.20 الذي أثار ضجة كبرى لا يزال قيد الدراسة في لجنة تقنية شكلت لهذا الغرض، ولا يزال قيد التطوير قبل أن يحال على لجنة وزارية لدراسته واعتماده. واعتبر المصدر ذاته أن هذه الصيغة، التي نشرت من مشروع قانون تقنين وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات المفتوحة، "هي لمشروع أولي في البداية أصبح اليوم متجاوزا"، ذاهبا إلى القول إن نشر الصيغة الحالية في هذا الوقت بالذات "ليس بريئا". وفي ظل الغموض الذي يلف مشروع قانون رقم 22.20، برزت أصوات حتى من داخل حزب العدالة والتنمية المتزعم للتحالف الحكومي تنادي بعدم التسرع في إحالة هذا المشروع على البرلمان، حيث دعا المستشار البرلماني عبد العالي حامي الدين إلى نهج مقاربة تشاركية في مدارسة مقتضياته مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية والمجلس الوطني للصحافة والجمعيات الحقوقية والجمعيات المهتمة بحرية الإعلام ومديري نشر الجرائد والمواقع الإلكترونية الوطنية.