أيادٍ معذّبة في شوارع العاصمة الاقتصادية للمملكة لا يعرف أحد عن مآسيها وأحزانها شيئا، تُفرغ صناديق القمامة وتجمع أعقاب السجائر وتكنسُ مخلفات البيئة في أكياس بلاستيكية، تعمل دون كلل أو ملل آناء الليل وأطراف النهار. تضحيات بلا تكريم يبذلها عمال النظافة في جميع ربوع المملكة، بالتزامن مع تفشي وباء "كورونا" الذي أعاد التركيز على قواعد الصحة العامة، قصد جمع النفايات المنزلية وتعقيم الأماكن العامة للحيلولة دون انتشار الفيروس المستجد. جنود غير مرئيين معبّؤون لمواجهة الجائحة الوبائية غير مبالين بإرهاق ساعات العمل، ينتشرون في الشوارع والأحياء حتى ساعات متأخرة من الليل، لا يهابون عدوى فيروس "كوفيد-19"، يقومون بتطهير وتعقيم الأماكن العامة وسط العديد من المخاطر الصحية. ففي ظل السرعة الفائقة التي ينتشر بها الفيروس العالمي، يجوب عمال النظافة شوارع وأحياء المدن المغربية كلما هجع السكان آخر الليل، ليجمعوا الأزبال التي خلّفها المارة طوال النهار، متناسين ظروفهم العائلية ومشاكلهم المالية بسبب الرواتب الشحيحة وسط غلاء المعيشة. جنود مجهولون تأهبوا لمواجهة تداعيات الجائحة الوبائية على بلادنا، يكابدون من أجل تطهير الشوارع وتنظيفها؛ ورغم أن كثيرين يزدرون هذه المهنة، لكنهم اختاروا مواجهة نظرات المجتمع "القاتلة" دون أن تخترق أجسادهم، ساعين إلى تكريس ثقافة النظافة لدى عموم الناس. حالة الطوارئ الصحية مازالت سارية المفعول في المجتمع المغربي، وجلّ الشرائح المجتمعية توقفت عن العمل إلى حين انتهاء هذه الفترة، باستثناء هذه الفئة التي تراها تملأ شوارع وأحياء المدن في ظل حظر التجوال، مستعينة بأسلحتها في محاصرة الوباء؛ وهي المكنسة وآليات التعقيم. وشرعت المجالس الجماعية للمملكة في عملية التعقيم الشاملة للمدن، بحيث تشمل مختلف المرافق والتجهيزات العمومية والساحات العامة، فضلا عن تعقيم مقرات الجماعة والمقاطعات والعمالات والإدارات العمومية والساحات والمحطات الطرقية. وتهدف عملية التطهير والتعقيم المعلنة إلى الحد من تأثير تداعيات فيروس "كورونا" المستجد، في إطار التجاوب مع التدابير الوقائية التي تحث عليها وزارة الصحة، حفاظاً على الصحة العامة للمواطنين.