يلعب عمال الإنعاش الوطني دورا بارزا في تنفيذ الإجراءات الاحترازية التي طبقها المغرب لمنع تفشي فيروس "كورونا" المستجد، حيث يوجدون في الصف الأول على جبهة مواجهة هذا الوباء؛ لكنهم لا يتمتعون بأي حماية اجتماعية. يتولى هؤلاء العمال تعقيم مكاتب المسؤولين والموظفين في الإدارات العمومية ومكاتب الأطباء في المستشفيات، وتعقيم الشوارع، ويقومون بمهامّ أخرى، ويشتغلون ساعات طويلة؛ لكنّهم لا يتمتعون بالتغطية الصحية، ولا بالتقاعد، وأجورهم لا تتعدى 1500 درهم شهريا. خاض عمال الإنعاش الوطني وقفات ومسيرات احتجاجية كثيرة في العاصمة الرباط، طلبا بتحسين وضعيتهم الاجتماعية، باعتبارهم يقومون بمهامّ كسائر موظفي القطاع العام؛ لكن مطالبهم لم تلقَ، إلى حد الآن، آذانا صاغية من طرف الحكومة. وتواجه الحكومة، ممثَّلة في وزارة الداخلية، مطالبَ عمال الإنعاش الوطني بكونهم ليسوا موظفين عموميين قارّين، وأن مناصبهم تم إحداثها فقط من أجل توفير أيام عمل في زمن ومكان محددين، وليس من أجل توظيفهم بشكل نهائي. في المقابل، يقول عمال الإنعاش الوطني إن تعليل الحكومة لرفضها الاستجابة لمطالبهم بكونهم عمالا مؤقتين يفنّده الواقع؛ ذلك أنّ منهم مَن قضّى في عمله ثلاثين عاما، وبالتالي فعملهم ليس مؤقتا، ومن حقهم الاستفادة من عدالة أجرية وتغطية صحية وتقاعد. ويستغرب عمال الإنعاش الوطني كيف أن منهم مَن يشتغل في قطاع الصحة، ويقومون بمهامّ متعددة داخل المستشفيات والمراكز الصحية؛ لكنهم لا يتمتعون بالتغطية الصحية. وبعد انتشار فيروس كورونا في المغرب، ازداد ثقل الحمل الذي يحمله عمال الإنعاش الوطني على كواهلهم؛ فعلاوة على استمرار "حرمانهم" من الحماية الاجتماعية، فإنهم يواجهون خطر الإصابة بفيروس "كورونا" أثناء مزاولة مهامهم. تقول ميلودة غزلاني، الكاتبة الوطنية لعاملات وعمال الإنعاش الوطني بالمنظمة الديمقراطية للشغل، إن درجة حماية هؤلاء العمال أثناء مزاولة عملهم في مختلف الإدارات تختلف من إدارة إلى أخرى، حسب مزاج كل مسؤول؛ لكنها أكدت أن بعض الإدارات لا توفر لعاملات وعمال الإنعاش الوطني حتى الكمامات، وأنهم يشترونها من مالهم الخاص. في مقطع فيديو على صفحة عاملات وعمال الإنعاش الوطني بموقع "فيسبوك"، تقول عاملة وهي منهمكة في تعقيم مكتب طبيبة داخل مستشفى عمومي: "ما عندنا لا تغطية صحية لا تقاعد، مغامرين بحياتنا على والو"، وتقول عاملة أخرى: "كاين اللي ما عندو تا باش يشري الكمامة". أما ميلودة غزلاني، فتلخص وضعية عاملات وعمال الإنعاش بقولها: "هاد الفئة كتدير كلشي وما مستافدة من حتى حاجة". وبيقين، تؤكد غزلاني، في تصريح لهسبريس، "أن عاملات وعمال الإنعاش الوطني تعرضوا للإقصاء من نيل حقوقهم، رغم أنهم يؤدون خدمات تعد ولا تحصى، وفي زمن كورونا أيضا فهم متواجدون في كل مكان"، مضيفة: "حتى الكمامات كاين اللي كيشريها من جيبو، وباقي الموظفين بحال الأطباء والممرضين تعطات لهم فابور". وتتساءل ميلودة غزلاني: "إذا كانت وزارة الداخلية تقول إن عمل عمال الإنعاش الوطني موسمي، وأنهم يشتغلون في أوراش، فهل الإدارة العمومية ورش؟"، مضيفة: "هؤلاء العمال لا يشتغلون في أوراش بل في وظيفة مستدامة؛ منهم من قضّى في عمله أربعين سنة، ومنهم من توفي وهو يزاول عمله دون أن ينال أي حق من حقوقه التي ينص عليها الدستور".