أطلقت بلجيكا، مثلها مثل دول أوروبية عديدة، سراح 300 من المهاجرين في وضعية غير شرعية لدواع إنسانية، خشية إصابتهم بفيروس "كورونا" المستجد؛ لكن دون تأمين إيواء لهم مما يجعلهم يهيمون في البلاد بحثا عن إعانات تساعدهم على إيجاد مأوى وأيضا على الحدود الدنيا من فرص البقاء ممّا يعرّضهم وبشكل تلقائي لخرق تدابير الحظر الكلي المفروضة داخل البلاد. حكومة البرتغال كانت أكثر جرأة في مقاربتها الإنسانية للقضية، حيث قامت السبت الماضي بترتيب تسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين المتواجدين على أرضها بعدما أغلقت الحدود. حاليا، في إسبانيا، النقاش دائر حول إمكانية الحذو حذو البرتغال، حيث طلبت المفوضية الإسبانية لمساعدة اللاجئين من الحكومة تسوية أوضاع المهاجرين السريين في إسبانيا بشكل استثنائي. في فرنسا، رفع مجموعة من النواب البرلمانيين إلى نظر الحكومة اقتراح تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين، على غرار ما حصل في البرتغال. وفي إيطاليا أيضا، طالب اتحاد العمال الإيطالي بتسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين، لحمايتهم من قوانين عنصرية فاشية. السؤال المطروح الآن هو: متى يُفتح هذا النقاش المؤجل منذ آخر عملية تسوية جماعية عام 2009 في بلجيكا؟ ومتى سترتفع الأصوات مطالبة بتسوية أوضاع هذه الفئة التي تعيش أوضاعا صعبة جدا، لا سيما في ظروف ما بعد جائحة كورونا؟ فتوقيف النشاط الاقتصادي قضى على كل فرص العمل غير المصرّح به، أو ما يعرف بالعمل في الأسود، خلال فترة الحجر الشامل، مما قطع كل مورد للرزق عن حوالي 150 ألفا من المهاجرين المحرومين من كل أنواع الدعم الاجتماعي الذي تقدّمه الدولة للمتضرّرين من هذه الجائحة. وسيكون مهمّا أن يعمل المسؤولون البلجيكيون على تسوية أوضاع هؤلاء المهاجرين في ظل هذه الظروف الصعبة لكي يستفيدوا من التغطية الصحية والرعاية الاجتماعية التي تتطلبها شروط الحجر الشامل من أجل السلامة العامة لكل المواطنين البلجيكيين. هذا المطلب الاستثنائي يستوجب دعم كل ذوي الضمائر الحية داخل المؤسسات التنفيذية والتشريعية البلجيكية وفي أوساط المجتمع المدني لإيصال معاناة هؤلاء؟ فالتضامن لا يتم من خلال إقصاء شريحة مهمة من المهاجرين واللاجئين المقيمين داخل التراب البلجيكي، والمساهمين بكل الطرق في تنشيط الدورة الاقتصادية داخل بلجيكا؛ بل إن التضامن الإنساني سيتم اختباره، اليوم، من خلال إشراك كل أفراد هذا المجتمع البلجيكي والذين يعيشون نفس ظروف الخوف من الوباء؛ لكن بإمكانيات متفاوتة.