تشهد شوارع المدن المغربية كل يوم سلوكا ينم عن ضعف التعامل مع خطر الإصابة بعدوى فيروس "كورونا" المستجد، رغم حملات التوعية المكثفة التي انطلقت منذ ظهور الحالة الأولى للإصابة بالوباء الذي أودى بحياة أربعين مغربيا إلى حد الآن. وعلى الرغم من أن بعض المؤسسات والمتاجر التي يقصدها المواطنون، كالأبناك ومكاتب عملاء شركات الاتصالات، تحرص على تطبيق إجراءات السلامة الصحية تفعيلا لتعليمات السلطات، إلا أن ما يجري خارج هذه الأماكن يضرب عرض الحائط كل تدابير السلامة المتخذة. أمام باب وكالة لبيع تعبئات الهاتف والأنترنت في حي كريمة بمدينة سلا، تجمّع نحو عشرين شخصا بشكل عشوائي وسط حيز ضيق، متحلقين حول الحارس الذي فتَح الباب جزئيا ليخرج زبون ويدخل آخر، وسرعان ما نشب خلاف بين الطرفين وتجمهر الزبناء على الحارس، ملتصقين ببعضهم البعض والرذاذ ينبعث من الأفواه الصارخة. غير بعيد، تكرر المشهد نفسه أمام باب وكالة بنكية، حيث تكوّم حوالي عشرة أشخاص على الدّرج ملتصقين ببعضهم أمام الباب المغلق، دون أدنى مبالاة بما قد يترتب عن سلوكهم من احتمال الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد. هذ السلوك يعزوه سالم خويلة، فاعل جمعوي بمدينة أكادير، إلى عدم تعامل بعض المواطنين مع خطر فيروس "كورونا" المستجد بما يستدعي من جدية، مشيرا إلى أنه ليس عاما ولكنه ينطوي على خطورة كبيرة. واعتبر خويلة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن عدم احترام تدابير السلامة الصحية للوقاية من فيروس "كوفيد-19"، "هو نوع من قتل النفس وقتل الآخر"، مضيفا أن "هناك بعض الناس يخرجون إلى الشارع بدون الالتزام بالاحتياطات المطلوبة، وكأنهم يبحثون عن الإصابة بهذا الوباء الخطير". وعلى الرغم من أن السلطات فرضت على المواطنين الالتزام بمجموعة من الإجراءات، مثل تقليص عدد الركاب في سيارات الأجرة والحافلات، إلا أن بعض المواطنين ما زالوا يغامرون بركوب وسائل نقل لا تحترم شروط السلامة، كالدراجات ثلاثية العجلات "التريبورتور". في حي العيايدة بمدينة سلا، تشن عناصر الشرطة حملات ضد أصحاب "التريبورات" الذين ينقلون المواطنين، حيث عاينت هسبريس توقيف بعضهم ونقل دراجاتهم إلى المحجز البلدي بعد إنزال الركاب. ويؤكد سالم خويلة أن الحل الوحيد لتفادي الإصابة بفيروس كورونا هو المكوث في البيت، وعدم الخروج إلى الشارع إلا في حالة الضرورة القصوى. وتبقى طريقة توعية المواطنين بضرورة التزام بيوتهم، التي تقوم بها السلطات، غير مجدية في كثير من الحالات، خاصة الحملات المنظمة في الشارع بواسطة السيارات، ذلك أن تحرّك السيارة يجعل الخطاب المنبعث من مكبر الصوت لا يصل كاملا إلى مسامع الناس. "خوتي خواتاتي المغاربة، باش نحدّو من انتشار فيروس كورونا ونحميو بلادنا خصنا..."، تنبعث هذه الجملة من مكبّر صوت مثبّت فوق سيارة تحمل ترقيما أجنبيا وعلى زجاجها ورقة كتب عليها "عمالة سلا"، وسرعان ما يتوارى الصوت بسبب تحرك السيارة بسرعة، وتضيع بقية الجملة قبل أن تلتقطها الآذان.