مع استمرار تفشي وباء كورونا في كافة أنحاء العالم، اتجهت أغلب الدول نحو منع التجمعات وإغلاق المرافق العمومية وفرض تدابير العزل الصحي على مواطنيها لمنع انتقال العدوى وتجنب الأسوأ، ليجد الناس أنفسهم مجبرين على المكوث في بيوتهم إلى أجل غير مسمى. وفي مثل هذه الظروف الصعبة، يفتقد الكثيرون، خاصة عشاق ممارسة الرياضة، الذهاب إلى النوادي الرياضية أو الخروج إلى الفضاءات المفتوحة لمزاولة الأنشطة الرياضية التي كانت تشكل جزءا من روتينهم اليومي، مثل الجري وركوب الدراجة والتمرينات الهوائية (Aérobic) وحمل الأثقال، أو لمجرد المشي لما ينطوي عليه من فوائد صحية متعددة. غير أن المكوث في البيت طيلة اليوم لا يعني بحال الركون إلى الخمول وقلة الحركة، فكثيرة هي التمارين الرياضية التي يمكن للمرء مزاولتها في المنزل دون الحاجة إلى أوزان أو معدات رياضية مكلفة وشاغلة للمساحة، بل تكفي بضعة أمتار مربعة ومنفذ للهواء للقيام بتمارين رياضية تعود بنتائج جيدة لا تقل أهمية عن تلك التي تمنحها لنا الرياضة خارج البيت. وفي هذا الصدد، يؤكد المدرب الرياضي وخبير اللياقة البدنية ياسين بوزختي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، وجود الكثير من التمرينات الرياضية التي يمكن ممارستها في البيت دون آلة رياضية، لعل من أهمها تمرين "نط الحبل" الذي نستطيع القيام به في أي مكان بدون معدات، سوى حبل خفيف بطول كاف ومساحة صغيرة. ويضيف المدرب الرياضي أن هذا التمرين يمتاز بفوائده الكثيرة وعدم اقتصاره على فئة عمرية معينة، إذ يمكن للجميع صغارا وكبارا ممارسته وجني فوائده الصحية التي تشمل تنشيط الدورة الدموية وتحسين أداء الأعضاء الحيوية في الجسم، كالقلب والرئتين، إذ يعد بديلا جيدا لرياضات اللياقة القلبية التنفسية كالجري والسباحة. كما يساعد هذا التمرين على تقوية العديد من عضلات الجسم ويزيد من مرونتها، ويفيد في التقليل من الوزن من خلال حرق السعرات الحرارية في فترة زمنية قصيرة. كما يوصي المدرب بتمرين التثبيت أو "البلانك" (Gainage) الذي يعد من أفضل التمارين الرياضية التي يمكن ممارستها بشكل يومي في البيت. ويعتمد هذا التمرين على رفع الجسم بأكمله على المرفقين أو اليدين وأطراف القدمين، والثبات في هذا الوضع لأطول فترة ممكنة؛ أما عن فوائده فهو يساعد على شد وتقوية عضلات البطن والأرداف والكتفين والذراعين والصدر دفعة واحدة، ويمنع تصلبها بفعل الجلوس لفترات طويلة، ما يساعد في تحسين الحالة المزاجية لمن يمارسه، كما يقوي العمود الفقري ويقلل من آلام الظهر ويدعم أوتار الركبة. وبالنسبة لكبار السن، ينصح خبير اللياقة البدنية بممارسة طريقة "بيلاتس" (Pilates)، نسبة إلى مخترعها الألماني جوزيف بيلاتس. وهي رياضة آمنة تتضمن العديد من التمارين المخصصة لكافة الفئات العمرية والحالات البدنية، وتعد الأفضل بالنسبة لكبار السن والنساء الحوامل. وتتألف تمارين "بيلاتس" من حركات قليلة الصدمات للتحمل وتقوية العضلات والمرونة، وتعتمد على استخدام عضلات البطن وأسفل الظهر والوركين والفخذين. وتساعد الممارسة المنتظمة لهذه التمارين على تقوية العضلات الأساسية وتحسين الاتزان والقوة الأساسية للجسم، وزيادة المرونة والوقاية من آلام الظهر. ولتحقيق الاستفادة القصوى من هذه التمارين الرياضية، يوصي الخبير في اللياقة البدنية بضرورة اتباع نظام غذائي متوازن يضمن تزويد الجسم بالعناصر الأساسية التي يحتاجها ويقوي مناعته؛ وينصح في هذا الصدد بعدم الإفراط في الأكل، والحرص على تناول التمر وخبز الشعير والخضار وبذور الكتان والسمسم، إضافة إلى المصادر البروتينية قليلة الدهون، مثل البيض والدجاج والسمك، وتفادي المقليات بشكل نهائي. بقي التأكيد على أن الحاجة إلى اتباع أسلوب عيش صحي ليست وليدة الظروف الراهنة التي فرضها تفشي وباء كورونا، إلا أن أهميته تبرز أكثر في ظل فترة العزل الصحي التي نعيشها وما يترتب عنها من ضرورة البقاء في البيت وتراجع عام في نشاطنا البدني. ولرب ضارة نافعة إذا اغتنمنا هذه الفرصة للتخلص من عاداتنا السيئة واكتساب أخرى حسنة تلازمنا بقية حياتنا. *و.م.ع