بعد جدل واسع بين المغرب وإسبانيا، دخل مشروعا قانونين، يُبسطان سيادة المملكة البحرية على الأقاليم الجنوبية ويخلقان منطقة اقتصادية خالصة تبلغُ 200 ميل، حيز التنفيذ بنشرهما في الجريدة الرسمية. وصدر ظهير شريف من مدينة فاس بتاريخ السادس من مارس، حيث كان يتواجد الملك محمد السادس وقتها بالعاصمة العلمية، رقم 1.20.02 لينفذ القانون رقم 17-37 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.211 الصادر في 26 من محرم 1393 (2 مارس 1973) المعنية بموجبه حدود المياه الإقليمية، كما وافق عليه مجلس النواب والمستشارين. وجاء في الفصل الأول من 37.17 أنه "يمتد عرض البحر الإقليمي للمملكة المغربية إلى حدود مسافة لا تتجاوز اثني عشر (12) ميلا بحريا تقاس انطلاقا من خطوط الأساس المقررة وفقا لأحكام اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار". وأكد القانون المذكور أن "سيادة الدولة المغربية التي تمارسها على إقليمها ومياهها الداخلية وبحرها الإقليمي تمتد إلى المجال الجوي، وكذا إلى أرض وقعر هذا البحر على امتداد عرضه". ونص القانون على أنه "يمارس حق المرور البريء للسفن التي تحمل علما أجنبيا في البحر الإقليمي، مع مراعاة أحكام اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار". كما صدر ظهير شريف صيغ بمدينة فاس أيضا حول تعيين منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية. وبخصوص "الجرف القاري"، أحد أبرز المشاكل التي أثيرت بين المغرب وإسبانيا، ينص القانون سالف الذكر في مادته الثانية على أن "الجرف القاري للمملكة المغربية يضم قعر البحار وباطن أرضها الممتد إلى ما بعد البحر الإقليمي على كامل مساحة الامتداد الطبيعي لإقليمها البري، حتى الطرف الخارجي للحافة القارية، أو إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي، إذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية يمتد إلى تلك المسافة". وتحدد بموجب هذا القانون حقوق حصرية وسيادية للدولة المغربية في منطقة الجرف القاري على قعر البحار وباطن أرضها، "بغرض استكشاف واستغلال مواردها الطبيعية المعدنية والأحفورية والبيولوجية، وكذا بالصلاحيات المعترف بها بموجب الاتفاقيات الدولية التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها". ويرى الموساوي العجلاوي، أستاذ بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، أن دخول القانونين حيز التنفيذ يدخل في إطار حل إشكال قانوني على المستوى الدولي، مشيراً إلى أن القانونين يقطعان الطريق على خصوم المغرب الذين دأبوا على استغلال ملف الثروات الطبيعية في الأقاليم الجنوبية. وأوضح العجلاوي أن الجزائر وجبهة البوليساريو حاولا مراراً استغلال الثروات الطبيعية في الصحراء المغربية من خلال ثغرة قانونية في النصوص الدولية، لكن دخول ترسيم الحدود البحرية حيز التنفيذ اليوم يسد الثغرات التي كانت قائمة في النزاعات الدولية، سواء مع إسبانيا أو في مسألة نزاع الصحراء. وأضاف الخبير المغربي، في تصريح لهسبريس: "دخول القانونين حيز التطبيق يحملُ أيضا رسائل سياسية إلى إسبانيا، مفادها أن المغرب مازال متمسكا بالجزر الجعفرية وكل الجزر المتوسطية وسبتة ومليلية المحتلتين". الرسائل السياسية الأخرى، وفق العجلاوي، موجهة إلى كافة المعنيين بنزاع الصحراء المغربية، وهي أن "المغرب متشبث بسيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية، وهذا له أهمية بالغة على مستوى الحل السياسي ومشروع الحكم الذاتي".