مع تزايد عدد الإصابات المؤكدة بسويسرا التي وصلت إلى 12311 شخصا، وارتفاع عدد الوفيات إلى 207 أشخاص بسبب فيروس "كورونا"، الذي بث الذعر في دول المعمورة، لا يولي الكثيرون الأهمية لعدد الأشخاص الذين تعافوا منه. السويسرية "بيتينا سوودر"، التي تقيم بمدينة زوريخ، واحدة من بين الذين تعافوا من الوباء الفتاك، ورجعوا لممارسة حياتهم الطبيعية وممارسة أعمالهم اليومية كما كانوا من قبل. كانت "بيتينا سوودر" تعيش حياة مستقرة مع أسرتها كباقي أقرانها، تمارس حياتها بشكل طبيعي جدا، تشتغل طيلة أيام الأسبوع وتواظب على ممارسة رياضتها المفضلة، وتخرج للسهر نهاية الأسبوع مع أصدقائها وصديقاتها، وكانت متحمسة وتخطط للمستقبل، ولم يكن يخطر ببالها ولو للحظة أنها قد تصاب ب"كورونا"، خصوصا وأنها تشتغل سكرتيرة طبية في عيادة متخصصة في مجال الخصوبة. لم تكن الفتاة البالغة من العمر 26 ربيعا، تتوقع إصابتها بفيروس "كورونا" المستجد، خصوصا وأن المرض كان لا يزال في بدايته، ولم تسجل آنذاك سوى حالتين مؤكدتين على صعيد سويسرا، ومن سوء حظها كانت هي الحالة الثالثة التي يتم تشخيصها رسميا، كمصابة بفيروس "كورونا" المستجد بالبلاد. أصيبت الشابة "بيتينا" أثناء زيارتها لمدينة ميلانو الإيطالية في إطار أسبوع الموضة الذي ينظم كل سنة، وبعد عودتها من إيطاليا، وبالرغم من أنها لم تشعر بالأعراض الأولية التي عادة ما تظهر على حاملي الفيروس، أشار صديق لها بضرورة زيارة الطبيب وإجراء اختبار فيروس "كورونا"، نظرا إلى انتشار الوباء في إيطاليا كالنار في الهشيم خلال تواجدها في ميلانو، فلم تكن الشابة تعتقد أن نتيجة الاختبار ستكون إيجابية، وهي التي تتمتع بصحة جيدة ولا تعاني أي مرض مزمن. في تلك الأثناء، وبعد تأكدها من الإصابة بالفيروس، تتحدث "بيتينا" عن إحساسها خلال هذه اللحظة العصيبة من حياتها التي لا تتمناها لأي أحد، في مقابلة تلفزيونية مع القناة الرسمية السويسرية الناطقة بالألمانية، إذ قالت: "لقد كان شعورا غريبا لأنك أصبحت فجأة خطرا على الآخرين". وعلى إثر ذلك، أُدخلت "بيتينا" المستشفى بمدينة زوريخ، إذ ظلت فيه لمدة أربعة أيام في عزلة تامة، ثم واصلت رحلة العلاج مع الحجر الصحي بالمنزل لمدة عشرة أيام، فكانت خلالها تتواصل مع الطبيب المتابع لحالتها عبر الهاتف. وقالت "بيتينا" أثناء الحجر الصحي بالبيت إنها شعرت بالوحدة والعزلة، وهي التي كانت تحب مخالطة الناس وذات طبيعة اجتماعية، وتحب خلق علاقات مع أناس آخرين، موردة: "كم ينتابك شعور بالوحدة.. إنه شعور فظيع"، مضيفة أن الكثير من معارفها وأصدقائها بدؤوا يتحاشون الاقتراب منها، ويتجنبونها قدر الإمكان، ما حز نفسها، إذ قالت: "لقد أصبحت معزولة والناس يتجنبونني لأنهم يخافون من تعرضهم للإصابة". ولم تتماثل "بيتينا" للشفاء إلا بعد انقضاء مدة الحجر الصحي، إذ عادت لمزاولة عملها من جديد، بصفتها سكرتيرة طبية في عيادة متخصصة في مجال الخصوبة في زيورخ، وأكّدت أنه بعدما أصبحت لديها مناعة ضد هذا المرض، وباعتبارها عاملة طبية مدربة، مستعدة لتقديم خدماتها للمستشفى بزوريخ إذا ما تم إغلاق مكان عملها الحالي. وبحسب مارسيل سالاتيه، رئيس مختبر الوبائيات الرقمي في المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، فإن الأشخاص الذين تعافوا من الإصابة يكتسبون مناعة تجعلهم محصنين ضد هذا الوباء، ويمكنهم لعب دور مهم، ليس فقط للنظام الصحي، ولكن للمنظومة ككل، إذ إن الذين أصبحوا محصنين لن يتأثروا في المستقبل بالفيروس.