مع وصول الوباء العالمي (فيروس كورونا) إلى المغرب تباينت ردود أفعال الناس خاصة على منصات التواصل الاجتماعي؛ التي أصبحت اللاعب الرئيسي في التأثير على توجهات الرأي العام، لأنها إعلام جديد متمرد على ثوابت الإعلام الرسمي. هذا التباين تنوع وفق مرجعيات عدة. فأصحاب المرجعية الدينية في رأيهم هذا الفيروس عقاب من الله سلطه على عباده حتى يتعظوا، وأفتوا بالدعاء، وقراءة القرآن، والصيام، والتبرك بالأولياء؟؟ أما ذووا المرجعية القانونية فاعتبروا أن عدم التقيد بالإجراءات الوقائية، والتعليمات الاحترازية يسمى عصيانا؛ والعصيان عقوبته السجن من شهر إلى سنة، والغرامة من 60 إلى 100درهم كما ينص عليها القانون الجنائي في الفصل (300)، وأضافوا أن خطورة الأزمة الوبائية تقر بأن القانون الدولي يسمح باستخدام الصلاحيات الاستثنائية. ومن جهة أصحاب المرجعية الحقوقية فقد ألحوا على احترام الحق في الحياة بتنفيذ التوجيهات في التصدي لانتشار الوباء، وأن التضامن في الكوارث والأوبئة ليس هو التهافت والتسابق لشراء المواد الغذائية، وتخزينها في البيوت. وردوا على بعض الناس اللامبالين الذين يقولون... موتة واحدة كاينة...؟ بأنهم لا يعرفون ماذا بعد موت ضحية الفيروس؟؟ ليس هناك طقوس الدفن العادية؛ بل يطبق عليه البروتوكول الصارم لمنظمة الصحة العالمية في دفن ضحايا الأوبئة، فلا تسلم الجثة إلى أهله، ويمنع الاقتراب منه، ويدفن تحت إشراف طبي بلا أهل، ولا جنازة ولا وداع، ولا قبر. وتساءل أصحاب المرجعية العلمية أين العلماء الحاصلون على جوائز نوبل في الطب؟ أين جبروت الدول العظمى الثمانية؟ أين التكنولوجيا العابرة للقارات؟ فيروس (كورونا) هو القاتل العابر للقارات. فإذا كانت العولمة جعلت العالم قرية صغيرة فهذا الفيروس الصغير جعلنا كائنات هشة لاحول لنا ولا قوة وحطم أكبر الحضارات، وأغلق أماكن العبادة ما بين الفاتيكان ومكة؟؟. واقترحوا أنشطة للتشجيع على الجلوس بالبيت منها متعة التحصيل المعرفي، وأخبروا أن اليونيسكو فتحت مكتبتها الرقمية مجانا أمام الملايين الجالسين في بيوتهم، ومكتبة الإسكندرية أعطت مجانا حق الوصول الإلكتروني إلى كتبها، كذلك جامعة كامبريدج العريقة فتحت التصفح المجاني (أونلاين) لأكثر من 700 كتاب حتى نهاية ماي 2020 بسبب أزمة كورونا العالمية. لا مضحك إلا ما هو إنساني تلك الردود التي استعرضت بعض مضامينها عادية؛ لكن ماكان لافتا على منصات التواصل الاجتماعي ردة فعل بعض المغاربة مع وباء كورونا بتحويل المصيبة إلى نكتة، أو المأساة إلى ملهاة؛ حيث استعملوا السخرية والتهكم لمواجهة الهم، ودمار الصحة والاقتصاد. وهذا الأسلوب يسميه علماء الاجتماع بآليات الدفاع للتخفيف من هول المشهد، أو الموقف الذي يواجهونه. وفي تفسير لذلك يقول الفيلسوف الفرنسي (هنري برغسون) النكتة هي محاولة لقهر القهر، وهتاف للصامتين، إنها نزهة في المقهور المسكوت عنه. أما عالم النفس الشهير (فرويد) فيقول..... النكتة يلجأ إليها الإنسان في المجتمع ليعفي نفسه من أعباء الواجبات الثقيلة، ويتحلل من الحرج الذي يوقعه فيه الجد. والجد هنا هو مواجهة الوباء، وتحويل العجز إلى قوة. وبذلك تحولت النكتة إلى غرفة عازلة يفرغ فيها المواطن معاناته، وخوفه، وآلامه، وضغوطه. وبناء على ذلك ساهمت المستملحات والنكت في تقوية الصبر، وكسر الملل، والتخفيف من التوتر النفسي، والتقليل من الخوف... اضحك وخليها على الله كما هو معروف فالشعب المصري يحتل المرتبة الأولى عربيا، وعالميا في امتلاك حس الفكاهة بالفطرة؛ لكن وباء كورونا كان حافزا للمغاربة على إخراج الحس الفكاهي لديهم. وابتكروا العديد من المستملحات والنكت في زمن كورونا اخترت لكم منها : فرنسا إيقاف الدراسة، المغرب إيقاف الدراسة، فرنسا إعلان حالة الطوارئ، المغرب إعلان حالة الطوارئ، فرنسا الماء والكهرباء والإنترنيت بالمجان. المغرب: مانديروش بحال بحال، باش مايعيقش بنا الأستاذ. المسلسلات في رمضان 20 20: الكمامة الضائعة – الحب في الحجر الصحي – حب من أول عطسة – ليا لي كورونا – لن أعطس في وجه أبي. واحدة قالت لراجلها خرج شوية. قالها البوليسي غدي يعطيني غرامة، قالت ليه غير اخرج أنا نخلصها. إن شاء الله ماندوزوش للمرحلة الثانية ديال الوباء. أصلا تعودنا ديما كنخرجوا من الدور الأول في المنافسات الدولية. لهلا يحشمنا حتى فهدي. الشعب الذي أبهر العالم، حط المواد الغذائية في الحجر الصحي وهو خرج لبرا كيدور. الأمهات يستغثن: ألو وزارة التعليم. عندي لكم خطة جديدة، شنورأيكم ديرو حجر صحي للتلاميذ مع الأساتذة في المدارس، ونحن نتواصل معهم عن بعد. أيتها الزوجات مع تنفيذ حظر التجول، يعتبر الأزواج أسرى عندكم، فأحسن معاملة أسراكم حسب اتفاقية جنيف. أجمل حاجة في فيروس كورونا هو أن المسؤولين، وخدام الدولة ماغديش يهربوا لأوربا. غادي يبقاو معانا حتى نموتو كاملين. تزامنا مع فيروس كورونا في العالم ظهور ميكروب آخر في المغرب تحت اسم (اللهطة) لي سولك شحال من ثقبة في الكسكاس قل ليه 133 بكل ثقة. حيث ما لقيت ماندير في العزل المنزلي حسبتهم. المرة المقبلة نحسب الغربال. وهكذا اتخذت الجماهير النكتة سلاحا ضد كورونا، وضد الاكتئاب، ووسيلة للهزل، والترفيه عن النفس. فأبدعوا مستملحات موجبة للضحك، والانشراح، وتفريج الهموم، وخلق طاقة إيجابية، ولو بصورة مؤقتة. وعودة للجد أقول سنتجاوز الأزمة بقوة العزيمة، والعلم متم نوره. ودائما المعرفة هي الحل. وخليكم في البيت.