في معركة كسر شوكة فيروس كورونا، الذي يهدد صحة الجميع، يتواجد أصحاب البدلات البيضاء على المستوى الوطني في خط الدفاع الأول لخوض معركة كبيرة بكل شجاعة وصبر وأناة، وذلك من خلال استقبال المصابين، وتوفير العلاجات اللازمة لهم. هذا هو حال الأطقم الطبية بمختلف المؤسسات الاستشفائية التي تستقبل المصابين، ومنها مستشفى مولاي يوسف بالدارالبيضاء، الذي يتوفر على مصلحة للعزل، وذلك من أجل مباشرة عمليات علاج مكثفة تتطلب تجهيزات خاصة ووقتا طويلا، مع ما يقتضي ذلك من تناوب دائم في الخدمة لهذه الأطقم في كفاحها ضد هذا الفيروس المستجد. وفي تفاصيل ما يقوم به أصحاب البدلات البيضاء هناك، فإن الوضع متحكم فيه بحتى الوقت الراهن، ما دامت الأطقم الطبية وشبه الطبية معبأة وكافية، وكذلك الشأن بالنسبة للتجهيزات الطبية والأدوية، وطالما أن عدد الوافدين على هذه المصلحة هو ضمن الوضع "الطبيعي". ومع ذلك، فإن هذه الأطقم تحذر من مغبة عدم التقيد بما تفرضه حالة الطوارئ الصحية، خاصة إذا كانت هناك تجمعات لا تحترم توجيهات السلامة الصحية، وعدم وجود مسافة كافية بين الناس، والحد من التنقلات وغيرها، وهو ما قد يؤدي إلى إصابات جديدة بفيروس كورونا في الوقت الذي يتخطى فيه فترة الحضانة. وحسب ممرضة تعمل بمستشفى مولاي يوسف، فإنه لا يوجد كثير من الخيارات في التعاطي مع هذا الفيروس، "فالأمر متروك للناس"، كما أكدت هذه الممرضة، التي قالت إنها مصممة، مثل جميع زملائها في العمل، على القيام بواجبهم على الوجه الأكمل، إلا إذا حدث مكروه من قبيل الوقوع ضحية الإصابة. وأكدت في تصريح صحافي أنه يتعين مواجهة هذا الواقع من خلال تحمل كل شخص لمسؤوليته الفردية، من أجل كسر هذه السلسلة من الانتشار. ولفتت الانتباه إلى أن هذه المعركة ضد الموت قد تطول إذا لم يع الناس خطورة الفيروس ويتخذوا الخطوات اللازمة لكسر شوكته. فمن الناحية النفسية، كما قالت هذه الممرضة، "نحن مستعدون لهذه المعركة"، لكن كل شيء يتوقف على استمرار التعبئة والسلامة الصحية لأصحاب البدلات البيضاء، أو "المقاتلين"، الذين يوجدون في الخطوط الأمامية ضمن الحرب المفتوحة ضد هذا العدو غير المرئي، الذي يبحر بلا حدود خارقا قارات الأرض. واستحضرت في هذا السياق مثال البلدان القريبة من جنوب البحر الأبيض المتوسط، التي تم "استيراد" منها معظم الحالات المصابة في المغرب، خاصة إيطاليا التي وصلت إلى رقم قياسي من الوفيات المرتبطة بفيروس كورونا (أكثر من 4800) متجاوزة بذلك الصين. وحسب أحد زملاء هذه الممرضة، فإن "مناشدة الحس المدني بالنسبة لكل شخص يعد أمرا أساسيا وحيويا، إلى جانب عدم التساهل مع عدم احترام مختلف التوجيهات ذات الطابع الصحي من أجل وقف انتشار الفيروس". وشدد على ضرورة فعل أي شيء، وبأي ثمن، من أجل كسر المنحنى التصاعدي للوباء ومنعه من الانتشار. وفي ظل حالة الطوارئ الصحية التي دخلت حيز التنفيذ قبل أيام، والتي تشمل الحد من تنقلات الأشخاص إلا في حالات الضرورة، وجه الطاقم الطبي بهذا المستشفى نداء بشأن عدم تجاهل الناس لمختلف التوجيهات، مع البقاء في المنازل، وكذا التفكير في أصحاب البدلات البيضاء الذين يوجدون في جبهة الكفاح ضد الوباء. وفي الاتجاه ذاته، شدد عنصر آخر من عناصر الطاقم الطبي بالمستشفى على أن الانضباط والصرامة من أجل السيطرة على الوباء أمران لا مفر منهما، خاصة وأن لا أحد في مأمن من الإصابة بفيروس كرونا المستجد. تبقى الإشارة إلى أنه في هذا المستشفى، الذي شهد عملية لإعادة التأهيل تم إطلاقها في عام 2019، جرى نقل العمليات الجراحية والاستشارات الطبية وعمليات التوليد (الوضع) إلى مؤسسات أخرى، منها مستشفى بوافي (عمالة الفداء مارس سلطان)، من أجل توفير مزيد من الفضاء والأسرة، وتحويلها إلى قطب أو مصلحة لعزل للمرضى المصابين بالفيروس الذين يحتاجون إلى علاجات مكثفة وفترة زمنية طويلة من الاستشفاء. وأوضحت أمينة فهام، مديرة المستشفى، في تصريح مماثل، أنه فضلا عن أسرة العناية المركزة التي تستقبل المرضى المصابين بفيروس كورونا، فإن مصلحة التوليد، بفضل هذا التغيير، تعززت ب 20 سرير ا للعزل، بما في ذلك 4 للعناية المركزة، وكذلك الشأن بالنسبة لمصلحة طب الأطفال التي تقرر تحويلها إلى فضاء للعزل الصحي، والتي ستكون جاهزة في أقرب وقت ممكن. *و.م.ع