منذ أن أعلنت حالة الطوارئ والحجر الصحي الإلزامي في مجموع أنحاء البلاد وتوقيف الدراسة وإغلاق مجموعة من المرافق، لم نسمع ولا تصريحا رسميا بشأن فئات لا مأوى تحجر فيها نفسها ولا سقف يأويها، لا معيل لها ولا دخل يمكنها من التهافت كما الآخرين على المواد الأساسية وغير الأساسية، لا حنين ولا رحيم. إنها الفئة المشردة في الشوارع، أطفال في عمر الزهور وكهول من الذكور والإناث، يعدون بالآلاف عبر تراب المملكة، يفترشون الأرض ولا يجدون غطاء يقيهم برودة الليل، يقتاتون على ما تجود به بعض النفوس الكريمة أو بقايا سندويتشات تركت على موائد شرفات المقاهي أو قماماتها. وبعد أن أغلفت كل المرافق أصبحوا في عداد المجهول؛ إذ إن حالة الطوارئ هذه قطعت عنهم كل سبل وإمكانيات العيش والاقتيات. وبحسب الأرقام الرسمية التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط سنة 2017، فعدد المشردين بدون مأوى في المغرب يصل إلى 7226، وهو رقم يستند إلى الإحصاء العام للسكان لسنة 2014، علما أن هناك جمعيات اعتبرت أن عددهم يفوق هذا الرقم بكثير؛ ذلك أن العدد الكبير من هؤلاء المشردين لا يتوفرون على أوراق هوية، وبالتالي فلم يتم إحصاؤهم. يبدو أن الإجراءات المتخذة لحماية هذه الفئات التي تعيش هشاشة على كل المستويات من فيروس كورونا في عداد الغيب طالما أنها كانت وما زالت على هامش مختلف برامج حكومتنا وقوانينها المالية. في فرنسا مثلا، تم الإعلان عن 2000 مكان إضافي في الفنادق في جميع أنحاء البلاد لإيواء المشردين المعرضين بشكل خاص لفيروس كورونا، والشيء نفسه قامت به مجموعة من الدول التي تعتبر أن المواطنة قيمة يشترك فيها كل المواطنين بدون تمييز أو امتياز. أما المهاجرون الأفارقة فتلك حكاية أخرى، خاصة بعد أن انقطعت عنهم كل السبل التي كانت تمكنهم من العيش عبر مدارات الطرق التي كانت طريقتهم الوحيدة تقريبا في الكسب عبر الدريهمات التي يجود بها كرم نفوس المغاربة، أما عن حمايتهم من تفشي عدوى كورونا في صفوفهم، وبالتالي نقلها إلى فضاءات أخرى، فلا حس ولا مس عن نوعية الإجراءات الاحترازية المتخذة من طرف السلطات العمومية. حماية المنسيين في هذه الأزمة الصحية الخطيرة التي تهدد أرواح كل المغاربة وغير المغاربة المقيمين بأي شكل من الأشكال على أرض المغرب، يجب أن تكون فوق أي اعتبار، فإن لم تعتبرها السلطات المعنية واجبا إنسانيا فلها أن تنظر إليها على الأقل من الزاوية الأمنية للحد من انتشار هذا الفيروس الخبيث.