انهال سيل من الانتقادات على أرباب مدارس التعليم الخاص بالمغرب، مباشرة بعد نشر مراسلة وجهتها الهيئات الممثلة لهم إلى رئيس الحكومة، حول تداعيات فيروس "كورونا" المستجد على قطاع التعليم والتكوين الخاص، طالبت فيها بدعم هذه المؤسسات. وذهب بعض المعلقين على الطلب الموجه إلى رئيس الحكومة من طرف ثلاث هيئات، هي الفدرالية المغربية للتعليم والتكوين الخاص، ورابطة التعليم الخاص بالمغرب، وconférence des grandes écoles، إلى اتهام هذه الهيئات ب"الانتهازية"، بداعي أن الظرفية الراهنة تقتضي التضامن "وليس السعي إلى الاستفادة من مخصصات صندوق تدبير جائحة كورونا". الانتقادات التي طالت "لوبي التعليم الخاص" لم تصدر عن المواطنين العاديين فقط، بل عبر عنها أيضا نواب برلمانيون، إذ ذهبت النائبة البرلمانية حنان رحاب، عن حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى القول إن البلاغ الصادر عن الهيئات الممثلة لأرباب مؤسسات التعليم الخاص "أظهر غيابا للحس الوطني في ظل هذا الظرف العصيب الذي يجتازه بلدنا". ودعت النائبة البرلمانية، في "تدوينة" نشرتها في صفحتها على "فيسبوك"، إلى اتخاذ البلاغ المذكور "محفزا أساسيا لتمكين الدولة عبر وزارة التربية الوطنية من بسط كل رقابتها على هذه المؤسسات، ولجم ممارساتها وجشعها وتغوّلها اللامحدود". في السياق ذاته، انتقد عبد العالي حامي الدين، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، قطاع التعليم الخاص، "الذي يستثمر في التعليم بغرض الربح ولا شيء غير الربح"، مشيرا إلى أن "هذا القطاع طالما تم تسويق نفسه كقطاع مكمّل للدولة، والحقيقة التي أثبتتها جائحة كورونا أن الدولة وحدها المؤهلة لتحمّل خدمات التعليم وكذا الصحة، فالجميع يلجأ إليها وقت الشدة". في المقابل، عزا محمد عمور، رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب، سبب ردود الفعل الغاضبة التي خلفتها دعوة أرباب مؤسسات التعليم الخاص إلى دعمهم إلى الصيغة التي جاء بها البلاغ الصادر عنهم، معتبرا أن "الصياغة ربما لم تكن واضحة، فنتجت عنها قراءات وتأويلات متعددة وسوء فهم". وأوضح عمور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الهاجس السائد لدى أرباب مؤسسات التعليم الخاص هو كيفية مواجهة الالتزامات المادية لكل مؤسسة، "فهناك 135 ألف شخص يشتغلون في هذا القطاع، دون احتساب التكوين المهني والتعليم العالي، وهناك تخوف من مصير هؤلاء بعد نهاية الشهر الجاري، إذا لم تعد الدراسة إلى وتيرتها الطبيعية". وفيما اعتبر منتقدو سعي أرباب التعليم الخاص إلى الاستفادة من الدعم المخصص لصندوق تدبير جائحة كورونا أن هؤلاء يجنون أموالا طائلة من رسوم الدراسة العالية التي يؤدّيها أولياء التلاميذ، قال عمور إن "الواقع مخالف تماما لهذا الانطباع"، على حد تعبيره، وأضاف: "تسعون في المائة من مؤسسات التعليم في القطاع الخاص هي مؤسسات متوسطة وصغيرة، وتتعامل بمرونة في الأداء مع أسر التلاميذ. وأستطيع أن أقول إن خمسين في المائة من هذه المؤسسات لم تحصل على مستحقاتها خلال الشهر الجاري". واستطرد المتحدث ذاته: "هناك خلط بين المؤسسات الكبرى التي لديها رصيد مالي لتغطية مصاريف شهرين أو ثلاثة شهور، وبين المؤسسات المتوسطة والصغرى التي تعيش على الدخل اليومي"، معتبرا أن هذه المؤسسات "لا تبني حلّ أزماتها على تسريح الشغيلة، مثل قطاعات أخرى، بل تفكر في الاستمرارية لأن أول ما ينبغي أن يتوفر، بعد عودة الدراسة، هو أن يكون الأساتذة حاضرين في الأقسام".