النقاش القديم الجديد في صفوف الحركة الأمازيغية لا يزال قائما؛ فخيارات الانخراط في أحزاب قائمة أو تأسيس تنظيم جديد تستمر في تفريق اشتغالات الأفراد داخل جبهة العمل السياسي الأمازيغي، وعديد التنظيمات غير الرسمية الأخرى، التي تستعد لانتخابات 2021. و"جبهة العمل السياسي الأمازيغي" تنظيم تأسس في الأشهر المنصرمة، بعد هيكلة الأجهزة الداخلية، وباشرت الجبهة مسلسل مشاورات دورية مع الأحزاب السياسية المغربية. وفتحت الجبهة قنوات الاتصال مع التنظيمات الحزبية؛ آخرها كان اللقاء المنعقد مع حزب التقدم والاشتراكية، الاثنين الماضي، حيث اتفق الطرفان على برمجة اجتماع ثانٍ سيتدارس باستفاضة الأشكال الإجرائية وسبُل الحضور السياسي للحركة الأمازيغية في المشهد الوطني. وفي السياق، يجري مشروع حزب التغيير الديمقراطي تحركات مكثفة هذا الأسبوع، لحسم مسألة استمرار اشتغاله في أفق تأسيس التنظيم، أو الانضمام إلى الجبهة الحالية، أو اللجوء إلى خيار ثالث، وهو تشكيل تكتل لمفاوضة الأحزاب، في انتظار الالتحاق. أحزاب محروقة قال عبد الله بوشطارت، فاعل أمازيغي، إن تحركات بعض أطياف الحركة الأمازيغية تبقى حقها المشروع، وتندرج ضمن الحرية السياسية التي تنادي بها منذ زمان، مسجلا أن لا مشكلة له مع التعددية والآراء والمواقف المختلفة. واستدرك بوشطارت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه وجب التنبيه إلى أن المطلوب هو خلق تجربة سياسية جديدة، تختلف عن الأحزاب الكائنة حاليا، والتي تتفرق على اليسار واليمين الإداري والإسلاميين، وزاد: نريد مرجعيات سياسية جديدة. وأضاف صاحب كتاب "الأمازيغية والحزب" أن "المغرب يحتاج تنظيمات جديدة تتلاءم مع الديناميات المجتمعية الجديدة، خاصة فيما يتعلق بالنقاش الثقافي"، مقللا من أهمية الدخول إلى أحزاب قائمة فقدت مصداقيتها أمام الناس. وأردف بوشطارت أن "ما تجربه الجبهة ليس بجديد، وسبق أن قام به الأستاذ أخياط من خلال جمعية لامريك؛ لكن، مع الأسف، التعاطي الحزبي كان ضعيفا، حيث لا يدافعون عن الأمازيغية في بعدها الكلي، خصوصا أن هذه التنظيمات فاقدة لاستقلالية الموقف السياسي. وبالنسبة لبوشطارت، فهذه التحركات لن تحصد نتائج ملموسة، مسجلا أن البعض يبحث عن تموقعات استعدادا للانتخابات المقبلة، وهذا بالطبع من حقه؛ لكن ليس على أكتاف الحركة الأمازيغية. انفتاح ضروري سجل عبد الرحيم شهيبي، عضو مؤسس للجبهة، أن "الرهان هو الانفتاح على مختلف الأحزاب المتوافق عليها، وحين التحاقنا بحزب أو أحزاب معينة سنشتغل لملاءمة أهدافنا كفاعلين في الحركة الأمازيغية مع الأهداف الحزب". وأضاف شهيبي، في تصريح لهسبريس، أن "الهدف الأساسي بالنسبة لنا هو العمل من أجل الأمازيغية في مختلف الميادين، بينما الأحزاب التي قد تتوافق معنا، لا بد لها أن توفر لنا مختلف الوسائل وتدعمنا من أجل تحقيق هذا الهدف". وبخصوص الأحزاب المحروقة، قال المتحدث: "في نظري هذا حكم قيمة لا نستطيع اثباته، ولا يمكن لي شخصيا أن أتحدث عن هذا الحزب أو ذاك بكونه حزب محروق أو غيره. الفعل السياسي في المغرب غير مستقر، فالحزب الذي نراه اليوم قويا قد يفقد بريقه بسرعة". وأكمل شهيبي أن "الحزب الضعيف قد تتوفر له الفرصة غدا ويصبح قويا، والتاريخ الراهن يؤكد ذلك، حزب ضعيف جدا منذ تأسيسه، لكنه اليوم أصبح متحكما في الحكومة فقط لأنه توفرت له فرصة معينة بانخراط حركة دعوية صفوفه وتغيير اسمه فبدأت الانطلاقة". وفي المقابل يشدد المتحدث: "أحزاب تاريخية كانت محركا وصانعا لتاريخ المغرب الراهن؛ لكنها اليوم تبحث فقط التوازن وضمان الاستمرارية. ولنكن واضحين في هذه المسألة، ليس لدينا أي تحفظ على الأحزاب السياسي، لكن لدينا معايير محددة بها نتناقش ونتفاوض مع الأحزاب السياسية".