وجدت العشرات من النساء في قرية تيغسالين الفقيرة في جبال الأطلس، في التعاونيات وجمعيات الاقتصاد التضامني آلية جذابة لتعزيز استقلاليتهن المادية ورفع الحيف والتهميش والصور النمطية التي غالبا ما التصفت بهن. وتساهم التعاونيات النسائية في القرية وعددها يفوق العشرة، غالبيتها صغيرة الحجم والإمكانيات، في التخفيف من وطأة الفقر والتهميش الذي تعاني منها النساء القرويات في هذه المنطقة الجبلية وتحسين ظروف عيشهن. كما إنها تساهم في تنمية المرأة القروية، في هذه المنطقة حيث أغلب المنخرطات يعانين الهشاشة وفيهن نسبة من المطلقات والأرامل، إذ تعمل على إدماجهن في سوق الشغل عبر إحداث مشاريع مدرة للدخل تحقق لهن الاكتفاء الذاتي. تعاونية آيت أوعقوب أو عيسى للنسيج والخياطة، نموذج لذلك فقد تم إحداثها من قبل نساء، وتخصصت في إنتاج الزرابي والخياطة التقليدية مستهدفة رفع الهشاشة والإدماج الاجتماعي للمستفيدات. تقول حفيظة بوالشيخ رئيسة التعاونية إن نساء المنطقة المعروف عنهن براعتهن في صناعة الزرابي لم يكن يعرفن كيفية تثمين منتوجهن الذي كن يبعنه بأبخس الأثمان للوسطاء، فأصبحن بفعل المبادرات التي أطلقتها التعاونية يعرفن كيفية تثمين منتوجهن وتسويقه وبالخصوص الحصول على دخل قار. وأضافت أنه عندما تم تجميع هؤلاء النسوة في التعاونية أصبحت لهن رغبة في تطوير المنتوج والاهتمام به، كما زاد شغفهن للعمل بحثا عن الاستقلال المادي خصوصا، لقد ساهمت التعاونية في استقرارهن وزرعت فيهن روحا جديدة. وبالنسبة لسهام لغليظ العضو بالتعاونية فتقول إن أوضاع النساء تغيرت إثر انضمامهن للتعاونية، حيث تعلمن تثمين المنتوج والعمل وفق الطلبيات والحصول على أجر عن العمل ثم جزء من الأرباح. وقالت لقد غيرنا العديد من الأشياء وجددنا في صناعة الزربية، مع الحفاظ على استخدام المواد الأصلية خصوصا الصوف والصباغة الطبيعية كما أصبح منتوجنا يسوق في الخارج. وأضافت أن هذه التعاونية تضم تسع نساء وتتوسع الى 16 مستفيدة عندما تكون هناك طلبيات كبيرة كما أن العديد من النساء في القرية يشتغلن معنا من بيوتهن بدون الانضمام الى التعاونية. وتزاول غالبية نساء القرية والعديد من قرى وبلدات جهة بني ملالخنيفرة منذ القدم صناعة الزربية والسجاد التي تعد نشاطا مدرا للدخل بالنسبة للنساء، يضطلع بدور اقتصادي مهم في إعالة العديد من الأسر. وتقدم تعاونيات أخرى غيرها في القرية الدعم للنساء اللائي يشتغلن في قطاع النسيج والزرابي، كما تتواجد بالمنطقة عدد من التعاونيات التي أنشأتها نساء من أجل النساء تهدف تحسين وضعهن المعيشي من خلال مشاريع إنتاجية وخدماتية صغيرة مدرة للدخل، في قطاعات من قبيل تربية المواشي وإنتاج العسل وتربية الدواجن وتربية الأرانب وإنتاج الكسكس وصناعة الحلويات. وتهدف هذه التعاونيات توفير فرص العمل للحد من البطالة والفقر وتفعيل دور المرأة في خدمة المجتمع والبيئة وتفعيل دورها في التنمية الشاملة. كما أنها مكنت النساء من الاعتماد على أنفسهن وتثمين منتوجاتهن وتطويرها وبالتالي فك العزلة عنهن وتحسين أوضاعهن الاجتماعية والمادية.