تسبب انتشار فيروس "كورونا" الذي ظهر بداية في الصين، قبل أن ينتقل إلى دول عديدة، في التأثير على استقرار الأسواق العالمية، خصوصا أسواق الطاقة، إذ ينتظر أن يؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على النفط والغاز الطبيعي. ومن شأن استمرار انتشار هذا الفيروس أن يؤثر على اقتصاديات بعض الدول، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط المنتجة للبترول والغاز الطبيعي، لاسيما بسبب تعطل عدد من الأنشطة الاقتصادية التي لها علاقة بالطاقة، إلى جانب أنشطة التصنيع الخدمات، وهو ما سيضعف آفاق النمو الاقتصادي للمنطقة عام 2020. وحسب دراسة تحليلية نشرها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، على موقعه الرسمي، فإن "كثيرا من الشركات العالمية الكبرى اضطرت لوقف الإنتاج في مصانعها بالصين وخارجها، نتيجة انتشار الفيروس الذي تسبب في انقطاع سلاسل إمدادات لوازم الإنتاج القادمة من المصانع الصينية"، مضيفة: "وعلى جانب قطاع النقل العالمي، تم تعليق خدمات النقل البحري والجوي من وإلى الصين، وكذلك عدد من الدول الآسيوية الأخرى". وأكدت الدراسة أنه مع انتشار فيروس "كورونا" من المتوقع أن تعرف أسواق النفط ضغوطاً أقوى في الفترة المقبلة، إذ يرجح انخفاض الطلب العالمي على الخام نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي والآسيوي. وفِي هذا الصدد، وكأثر أولي لظهور الفيروس، تضيف الدراسة نفسها، "فقد قلصت مصافي النفط الحكومية الصينية، وفي مقدمتها "مؤسسة البترول الوطنية الصينية"، و"بتروتشاينا"، طاقة تكرير النفط الخام بنحو 1.5 ملايين برميل يومياً حتى الأسبوع الثاني من فبراير الجاري، وهو ما اضطر الشركات الصينية لإعادة جدولة شحنات استيراد الخام من بعض دول العالم، بما فيها منتجة النفط في الشرق الأوسط". وأورد المصدر نفسه، نقلا عن وكالة الطاقة الدولية: "من المحتمل أن ينخفض نمو الطلب العالمي على الخام خلال العام الحالي بواقع 365 ألف برميل يومياً وإلى 825 ألف برميل يومياً، وهو أدنى مستوى منذ عام 2011، ومقارنة مع توقعات سابقة ب1.190 مليون برميل يوميا". واضطرت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" إلى تخفيض الطلب على نفطها عام 2020 بنحو 200 ألف برميل يومياً مقارنة بالتوقعات السابقة إلى 29.3 ملايين برميل يوميا. وحسب الدراسة التحليلية فإن انتشار هذا الفيروس في العالم يرجح أن تكون له آثار جانبية على الاقتصاد العالمي، إذ يتوقع أن يؤدي انخفاض نمو الطلب العالمي إلى انخفاض أسعار النفط والغاز في العام الجاري، إذ أشار معهد التمويل الدولي إلى أن أسعار النفط الخام يتوقع أن تفقد ما لا يقل عن ثلاث دولارات نتيجة انتشار "كورونا"، لتصل إلى 57 دولارا للبرميل، مقارنة بتوقعات سابقة ب60 دولارا للبرميل قبل ظهوره. أما أسعار الغاز المسال، يضيف المصدر نفسه، فيتوقع أن تخضع لضغوط هي الأخرى، لتنخفض إلى ما دون 2.5 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، نتيجة تباطؤ الطلب الصيني على الخام، ومقارنة بتوقعات سابقة عند مستوى 3.3 دولارات للمليون وحدة حرارية. ويستشف من هذا وفق الدراسة أن منتجي النفط والغاز المسال في الشرق الأوسط يتوقع أن يفقدوا "عائدات كبيرة من التصدير، سواء نتيجة تراجع مستويات الأسعار أو بسبب انخفاض الشحنات إلى الأسواق العالمية، وبما فيها الصينية". مقابل ذلك فإن الدول المستوردة للطاقة سيتيح لها هبوط أسعار الطاقة فرصا للحصول على النفط الخام والغاز بأسعار أقل تكلفة، وهو ما سيفيد ميزانياتها العامة بشكل عام؛ غير أن أنشطة اقتصادية أخرى بها، مثل السياحة والصناعة وقطاع التجارة الخارجية وغيرها، سوف تتأثر بانتشار فيروس "كورونا".