عبّر محامي أسرة المهدي بنبركة، موريس بوتان، عن شعوره بالمرارة لعدمِ توصّله إلى "حقيقة اختطاف القيادي اليساري والزّعيم الأممي، منذ واقعة مقهى "ليب" خلال ستينيات القرن الماضي، داعياً إلى "فتح هذا الملف بقوة في الأوساط الرّسمية الفرنسية والمغربية حتّى تتجلّى الحقيقة كاملة". وقال المحامي الفرنسي، في ندوة صحافية حول "ملابسات اختطاف القيادي اليساري المهدي بنبركة"، إنّ "هذه القضية ستظلّ تلاحقني كما لاحقتني طوالَ هذه السّنوات حتى أصلَ إلى الحقيقة كاملة". وأضاف محامي عائلة بنبركة منذ 55 سنة أنّه "خلال عام 2003 قدّم القاضي رقم 12 في ملف المهدي أسماء بعض المشتبه بهم، ويتعلّق الأمر بالجنرال القادري، الذي كان يعملُ برتبة كابيتان في السّفارة المغربية بباريس لما وقعت الحادثة، والجنرال حسني بنسليمان، الذي كان مقرّباً من أفقير، والعشعوشي، الذي رفضَ الإدلاء بشهادته". وعن تفاصيل الحادث الذي هزّ شارع سان جيرمان وسط باريس، يحكي المحامي الفرنسي أنّ "الدليمي لما أرادَ أن يتخلّص من جثة المهدي طلب المساعدة من المخابرات الإسرائيلية، التي لم ترفض هذا العرض"، مؤكّداً أنّ "إسرائيل كانت تتابع العملية، لكنها لم تكن لها يد مباشرة في الاختطاف". وقال بوتان إنّ "الرّئيس الفرنسي ديغول اتهم الحسن الثّاني بوقوفه وراء هذه العملية"، مشيرا إلى أنّ "الهدف من العملية كان هو محاولة إقناع المهدي بالعودة إلى المغرب وفتح صفحة جديدة مع النّظام". وأضاف أنّ "الوثائق السّرية والأرشيفية تؤكد عدم ارتباط الولاياتالمتحدةالأمريكية بهذه الجريمة السّياسية، لكن هذا لا يعني أنّها بعيدة عن القضية، بل كانت لها يد في اغتيال المهدي". وأضاف محامي عائلة بنبركة، التي تطالبُ الرباطوباريس بالكشف عن حقيقة اغتيال المعارض الأممي، أنّ "الأمريكيين كانوا يعلمون بأن الأمر يتعلق بالعدو رقم 1 للحسن الثاني، وأن المهدي كان يمثّل شعلة النضال في العالم الثالث، وكان رفيقاً لكاسترو وجمال عبد الناصر". واستطرد المحامي الشّهير قائلا: "حتى الحسن الثاني لم يكن ينظر بعين الرّضا حيالَ صعود قوة المهدي ونفوذه السياسي في إفريقيا"، مبرزاً أنّ "مسؤولية الدليمي وأوفقير ثابتة؛ رغم أنّ الكولونيل الدليمي ظلّ يبعد نفسه عن الجريمة، ويقول إنه مستعد للتضحية بحريته في سبيل وطنه، وأنه سيذهب إلى محاكم باريس من أجل مواجهة السّجن، إلا أن هذه الأقاويل مجرّد افتراءات وكذب على التّاريخ". وخلال عودته إلى اللحظة الأولى لاختطاف المهدي يحكي موريس بوتان قائلا: "كنت صحبة بعض الرّفاق في إحدى الحفلات بمدينة الدارالبيضاء، فاتّصل بي عبد الرحيم بوعبيد وأبلغني مراسلة الرّئيس الفرنسي شارل ديغول، الذي توصّل برسالتي وطالب بفتح تحقيق حول قضية المهدي". وأضاف بوتان أنّ "هيئة الدّفاع طالبت بإصدار قرارات التوقيف وتطبيق الانتداب القضائي في حق المسؤولين المغاربة، خاصة عندما زارَ الجنرال بنسليمان إنجلترا في الألعاب الأولمبية، لكن لم يتم توقيفه بمبرّر أن القرار يشملُ التّراب الفرنسي". وأشار المحامي الفرنسي إلى أنّ "محاكمة الدليمي تزامنت مع العدوان الإسرائيلي وتبعاته؛ فنسي الرّأي العام الفرنسي قضية المهدي وراحَ يتابع تطورات الحرب في سيناء ليحكم الجنرال الدليمي بالبراءة في قضية المهدي"، كاشفاً أنّ "حديثاً غير رسمي كان يروّج له بقوة بين الأوساط المغربية؛ أنه إذا كشفت فرنسا حقيقة مقتل المهدي فإن الرباط ستتعامل مع الفرنسيين كرهائن".