دعا عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة المغربية، إلى النهوض بالتراث الشعبي المغربي بمختلف تمظهراته وحمايته من الاندثار بسبب تحديات العولمة، قائلا إن "التراث الشعبي جزء هام من الحضارة المغربية العريقة يجب العناية به وإظهاره للأجيال الصاعدة". المريني الذي كان يتحدث في المحاضرة الافتتاحية للدورة ال26 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بعنوان "ومضات على التراث الشعبي المغربي"، قال إنه أخذ على عاتقه "مهمة البحث في الموضوع والمحاضرة في فنونه وألوانه من مواسم فلاحية ثقافية، وحكايات وخرافات وأحاجي وأمثال، وعادات وتقاليد مغربية شعبية يجب أن نعتني بها". وقال مؤرخ المملكة إن "روافد ثقافتنا الشعبية المغربية بكل أنماطها تعبر عن تمظهرات اقتصادية واجتماعية ودينية وفنية، وتختزن رموزا كثيرة، وتؤكد على هويتنا، وتؤثث تاريخنا، وتربط ماضينا بحاضرنا". وعدّد المتحدث أنواع التراث غير المادي، بداية من الأشغال الفئوية وصول إلى النكتة، قائلا إن "المجال يضيق بذكر كل تلاوين وتمظهرات التراث الشعبي المغربي"، وعرج في حديثه أيضا على الطقوس والأنماط الفرجوية، من قبيل "الفانتازيا" و"التبوريدة"، وتظاهرات أخرى كالاحتفال بيوم عاشوراء، وشعبانة، والأعياد الدينية والتقاليد المواكبة لها، والاحتفالات العائلية كالزواج والعقيقة والختان، والصوم الأول في ليلة القدر للأطفال ذكورا وإناثا، والفطام. وتحدث المريني عن النكت المغربية بوصفها "ركنا من أركان التراث الشعبي المغربي"، مشيرا إلى أن النكتة تؤثر في النفس باعتبارها تبعث على الضحك، وتضطلع بدور كبير في الترفيه عن النفوس، وخاصة في ظروف الأزمات والمعاناة. وقال المريني إن "التراث الشعبي المغربي تراث غير مادي يجسد بكل ألوانه وأبعاده الحضارية، وبصنفيه المكتوب والشفوي، الامتزاج الثقافي المغربي متعدد الأصول: الأمازيغية والإفريقية والصحراوية والأندلسية والعربية، ويتطور تطورا ملموسا في مواضيعه وأشكاله وتنوعاته ومظاهره في مواجهة العولمة وهيمنتها الثقافية". وأردف قائلا إن "ثقافتنا الشعبية المغربية ليست فقط مرآة لمظاهر حياتنا وأشكالها، وصورة نضرة لكنوز مجتمعنا الفنية، وإنما تعتبر أيضا من وسائل التأثير على مسيرة حياتنا التي تتكيف مع كل أشكال وألوان الحضارة الإنسانية التي تسير اليوم بخطى عملاقة لا يعرف مداها". وحسب ورقة تقديمية للمحاضرة، فإن الثقافة الشعبية أضحت اليوم ذلك الخزان الهائل لمختلف تعبيرات التراث الثقافي اللامادي، بما استجمعته على مر قرون من طرائق عيش ومهارات وخبرات ومعارف وإبداعات وسمت المعيش اليومي للمجتمع، وشكلت شخصيته المتفردة في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ووفق المصدر ذاته، فإن المحاضرة الافتتاحية تأتي لتستكنه هذا الإرث الحضاري المشترك الذي نَحت روح الشخصية المغربية، من خلال تناول أوجه معبرة من هذا التراث الشعبي المتنوع والغني، مستهدفة بيان مكامن العناية به واستثماره الاستثمار الأرشد. يشار إلى أن الدورة ال26 من المعرض الدولي للنشر والكتاب، التي تنظمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب بتعاون مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات ومكتب معارض الدارالبيضاء، تعرف مشاركة 703 عارضين من المغرب والعالم العربي وإفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا، سيقدمون عرضا وثائقيا متنوعا يغطي مجمل حقول المعرفة، ويتجاوز عدد العناوين المعروضة فيه 100 ألف عنوان.