دعا مؤرخ المملكة المغربية، عبد الحق المريني، أمس الجمعة بالدار البيضاء، إلى النهوض بالتراث الشعبي المغربي بمختلف تمظهراته وحمايته من الاندثار في مواجهة تحديات العولمة. جاء ذلك خلال المحاضرة الافتتاحية للدورة ال26 للمعرض الدولي للنشر والكتاب الذي يقام إلى غاية 16 فبراير الجاري تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس. وهي المحاضرة التي اختار لها السيد المريني عنوان "ومضات على التراث الشعبي المغربي" وقال المريني إن "التراث الشعبي المغربي تراث غير مادي يجسد بكل ألوانه وأبعاده الحضارية، وبصنفيه المكتوب والشفوي، الامتزاج الثقافي المغربي متعدد الأصول الامازيغية والإفريقية والصحراوية والاندلسية والعربية، ويتطور تطورا ملموسا في مواضيعه وأشكاله وتنوعاته ومظاهره في مواجهة العولمة وهيمنتها القاضية". وأبرز في هذا الصدد أن هذا ما يجعل "المهتمين بهذا التراث والباحثين في كنوزه مسؤولين عن حمايته من الاندثار وصيانته من الضياع، وإبرازه في أحسن صورة بعيدا عن كل تشويه"، لاسيما وأن "روافد ثقافتنا الشعبية المغربية بكل أنماطها تعبر عن تمظهرات اقتصادية واجتماعية ودينية وفنية وتختزن رموزا كثيرة وتؤكد على هويتنا وتؤثث تاريخنا وتربط ماضينا بحاضرنا". فحسب مؤرخ المملكة، فإن "ثقافتنا الشعبية المغربية ليست فقط مرآة لمظاهر حياتنا وأشكالها، وصورة نضرة لكنوز مجتمعنا الفنية، وإنما تعتبر أيضا من وسائل التأثير على مسيرة حياتنا التي تتكيف مع كل أشكال وألوان الحضارة الإنسانية التي تسير اليوم بخطى عملاقة لا يعرف مداها". وسافر السيد المريني بالحاضرين عبر كلمته في رحلة ماتعة استحضرت نماذج متعددة من التراث الشعبي المغربي متعدد الألوان، ويشمل العادات والأعراف والتقاليد والمهارات المرتبطة بالفنون اليدوية التقليدية، والعلاج الطبي التقليدي، والمواسم الخريفية والربيعية والصيفية، والمهرجانات الموسيقية والشعبية والاندلسية والملحونية وأطباق الأطعمة التقليدية بجميع اصنافها. كما استحضر المريني غنى وتنوع المجموعات الغنائية التراثية المغربية، والطوائف الدينية بترميزات أعضائها وجذبتهم من قبيل "حمادشة وعيساوة ودرقاوة"، ومنشدي الأمداح والسماع في حلقات الذكر الصوفي والحضرة والعمارة، إلى جانب الدقة المراكشية وكناوة. السيد المريني الذي أكد أن المجال يضيق بذكر كل تلاوين وتمظهرات التراث الشعبي المغربي، عرج في حديثه أيضا على الطقوس والأنماط الفرجوية من قبيل الفانتازيا والتبوريدة، وتظاهرات أخرى من قبيل الاحتفال بيوم عاشوراء، وشعبانة، والأعياد الدينية والتقاليد المواكبة لها. الاحتفالات العائلية كالزواج والعقيقة والختان والصوم الأول في ليلة القدر للأطفال ذكورا وإناثا، والفطام. ولم تخل محاضرة المريني من الطرفة وهو يحكي نماذج من النكت المغربية بوصفها "ركنا من أركان التراث الشعبي المغربي"، مشيرا إلى أن النكتة تؤثر في النفس باعتبارها تبعث على الضحك وتضطلع بدور كبير في الترفيه عن النفوس وخاصة في ظروف الازمات والمعاناة.