احتضنت مدينة الرشيدية، قبل يومين، لقاء تواصليا حول البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس بتكلفة مالية إجمالية تناهز 115 مليار درهم. وكان هذا اللقاء الذي ترأسه والي جهة درعة تافيلالت، وحضره عمال أقاليم الجهة والمنتخبون، مناسبة لتدارس السبل الكفيلة بالتفعيل الأمثل لمضامين هذا البرنامج، الذي قال عنه والي الجهة إنه "جاء ثمرة للرؤية الملكية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس". وفي عرض قدمه عبد الرحمان محبوب، مدير وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس، قال إن "جهة درعة تافيلالت نالت من برنامج بناء 900 سد بالمغرب حصة الأسد"، موضحا أنها "نالت 186 سدا من أصل 900 على المستوى الوطني". وتوزعت هذه السدود التي ستعرفها الجهة على الشكل التالي: 129 سدا لإقليم تنغير، 15 سدا لإقليمالرشيدية، 15 سدا لإقليم زاكورة، 14 سدا لإقليمورزازات، و13 سدا لإقليم ميدلت، حسب العرض المقدم من طرف المسؤول ذاته. داود أيت الطالب، طالب باحث في مجال الجيولوجيا متهم بالبيئة والماء بإقليم زاكورة، تساءل عن المعايير المعتمدة في توزيع هذه السدود على الأقاليم الخمسة بالجهة، لافتا إلى أن "إقليم زاكورة الذي يعاني كل فصل صيف الأزمة في الماء الشروب نال فقط 15 سدا"، مشيرا إلى أن "الجهة المشرفة على هذا التوزيع ربما لم تأخذ بعين الاعتبار ثورة العطش التي عرفتها مدينة زاكورة قبل سنتين وكادت أن تكون انطلاقة لشرارة الاحتجاجات بمختلف ربوع المغرب"، وفق تعبيره. الطالب نفسه أوضح في اتصال بهسبريس أن "زاكورة لا يمكن أن تخرج من دائرة العطش والمشاكل المتعلقة به مادام أن 15 سدا فقط هي المخصصة لها"، مضيفا أن "العديد من الجماعات تعاني أزمة ماء مع بداية فصل الصيف، ما يعني أن هذا العدد الضئيل من السدود لا يمكنه حل الإشكالية، وبالتالي يصعب تحقيق المراد من هذا البرنامج الذي أشرف على انطلاقته الملك محمد السادس"، على حد قوله. من جهته، انتقد أحمد أوغاشم، ابن المنطقة، صمت المسؤولين المنتخبين بإقليم زاكورة، وقال إن "هؤلاء المنتخبين حضروا اللقاء واستمعوا لكنهم صفقوا كأن شيئا لم يقع"، مضيفا أن "إقليم زاكورة يحتاج إلى سدود في كل مكان لإنعاش الفرشة المائية التي تضررت بسبب استنزافها من طرف أصحاب البطيخ الأحمر"، لافتا إلى أن "مجموعة من المناطق في أمس الحاجة إلى سدود، وجبال عنون بدوار تيمارغين جماعة تزارين خير مكان لبناء سد كبير"، وفق تصوره. وطالبت فعاليات جمعوية بالإقليم والي جهة درعة تافيلالت بمراجعة هذا التوزيع الذي وصفته ب"غير العادل"، مشيرة إلى أن الإقليم في حاجة إلى حصة كبيرة من السدود لتدارك الخصاص المسجل في الماء الشروب خلال كل فصل الصيف، محملة كامل المسؤولية "للمسؤولين المنتخبين بسبب صمتهم أمام هذا الاستهتار والإقصاء الذي يلاحق الإقليم من كل جهة"، كما جاء في تصريحات متطابقة لهسبريس. مسؤول بوكالة الحوض المائي لكير زيز غريس قال إن هذا البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 يروم توفير وترشيد الماء بكافة تراب الجهة من خلال مجموعة من الأوراش الهادفة إلى تعميم الولوج إلى الماء الشروب، والمحافظة المستدامة على الموارد المائية عبر استغلالها بشكل معقلن، ودعم اللجوء إلى الموارد المائية غير التقليدية. وأضاف المصدر ذاته، في اتصال بهسبريس، أن "هذا البرنامج الوطني جاء في سياق القلق الدولي من التغيرات المناخية وإشكالية ندرة المياه وما نتج عنها من تبعات لا يجب التهويل منها على الصعيد الوطني والجهوي، باعتبار أن المياه الوطنية خالصة وغير مشتركة كما هو حال بعض الدول". وبخصوص السدود على أقاليم الجهة، قال المسؤول ذاته: "قامت وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس وشركاؤها بدراسة معمقة حول الفرشة المائية بهذه الأقاليم، وحول المناطق التي بإمكانها احتضان سدود من مختلف الأحجام، وبناء عليه تم القيام بهذا التوزيع العادل والمنصف"، على حد تعبيره. واعتبر المتحدث لهسبريس أن "كل إقليم نال ما يستحقه من السدود"، ورفض ما سماه "محاولة بعض السياسيين تجييش المواطنين وتسويق خطاب غير واقعي لكسب عطفهم".