"من يتحمل مسؤولية تدمير الغابة بجبال ميدلت؟"، سؤال يطرحه الصغير قبل الكبير هذه الأيام بإقليم ميدلت، حيث تتعرض الغابة المحيطة به كل يوم لتدمير رهيب، واغتيال مقصود، في الليل وواضحة النهار، رغم التدخلات التي تباشرها السلطة المحلية والدرك الملكي من حين إلى آخر. ولم يخف عدد من الفاعلين الجمعويين، في تصريحات متطابقة لهسبريس، أن عملية "الاغتيال" التي تتعرض لها الغابة تتم في واضحة النهار مع سبق الإصرار والترصد، موضحين أن "المافيات تقوم باجتثاث الغابة بعنف ووحشية، دون مراعاة الدور البيئي الذي تلعبه"، ومشيرين إلى أنها "تبحث عن الربح المادي على حساب الغابة والساكنة"، وفق تعبيرهم. حياة أبرام، من ساكنة منطقة أنفكو، قالت في تصريح لهسبريس: "ما تعرضت له الغابة في الأشهر الماضية يثير الكثير من الشكوك حول هوية هذه المافيات"، مشيرة إلى أن "الوضع أصبح مقلقا، ويجب معه تدخل الجهات المركزية، خصوصا وزير الفلاحة ومدير المياه والغابات، من أجل فتح تحقيق حول هذه الجرائم التي تطال الغابة أمام أعين مصالح المياه والغابات بالإقليم"، وفق تعبيرها. ولفتت المتحدثة نفسها إلى أن "التدمير الذي تتعرض له الغابة يوميا في واضحة النهار لم يعد مقبولا، خصوصا أن أشجارها على وشك الزوال"، مضيفة: "يجب على الجميع التصدي لمافيات الغابة وإعادة تشجيرها، خصوصا أشجار الأرز التي وصلت مراحلها الأخيرة من الانقراض"، على حد قولها. "اللامبالاة بصرخة المواطنين إزاء الجريمة النكراء التي تتعرض لها الغابة يوميا جعلت الكثير منهم يفقدون الأمل في التدخل الإيجابي"، يقول سعيد العروسي، وهو فاعل جمعوي من منطقة تونفيت، مشيرا إلى أن "النداءات التي أطلقتها الساكنة وفعاليات مدنية من أجل حماية الغابة من الاجتثاث لم تجد آذانا صاغية"، وداعيا الساكنة المحلية إلى "خوض أشكال تصعيدية من قبيل وقفة أمام مقر مديرية المياه والغابات بميدلت لإيصال صوتها إلى من يهمهم الأمر"، بتعبيره. وطالب المتحدث نفسه وزير الفلاحة بالإشراف شخصيا على فتح تحقيق في "الاستنزاف والاجتثاث التي تتعرض له غابة إقليم ميدلت، والقيام بإجراءات تأديبية في حق حراس الغابة المتهاونين في تطبيق القانون في هذا الصدد"، مشيرا إلى أن "الاتهامات توجه على الخصوص إلى بعض حراس الغابة، خصوصا الذين تتعرض الغابة للتدمير في أماكن عملهم"، وزاد: "لم يتبق لنا سوى الخروج للاحتجاج لتصل رسالتنا إلى الملك محمد السادس نصره الله وأيده كي يتدخل شخصيا لوقف هذا النزيف". من جهته أكد حسن بنعلي، الفاعل الحقوقي بميدلت، أن "التدخلات التي تباشرها السلطات المحلية ومراكز الدرك الملكي ساهمت بشكل كبير في بطء عملية قطع الأشجار من طرف المافيات"، مستدركا بأن "مصالح الدرك الملكي والسلطات المحلية لوحدها لا يمكنها محاربة الظاهرة، ما يتطلب تدعيم تلك المجهودات بتدخلات حراس الغابة أو تقديم التحفيزات المالية لأعوان السلطة من أجل إنجاح التدخلات في حق هؤلاء المجرمين"، بتعبيره. وأضاف الحقوقي ذاته، في اتصال هاتفي بجريدة هسبريس الإلكترونية: "يجب على الدولة، خصوصا في هذه المرحلة الصعبة، تمكين السلطة المحلية والدرك الملكي وحراس المياه والغابات من آلات تصوير متطورة، مثل "الدرون"، لتتبع تحركات مافيات الغابة"، مشددا أيضا على "ضرورة تزويد حراس الغابة بالكاميرات وإلزامهم بتشغيلها طيلة مدة عملهم مثلهم مثل عناصر الدرك والشرطة". مصدر من المياه والغابات بميدلت اعترف بأن التدمير التي تتعرض له الغابة بمختلف جبال الإقليم في تزايد مستمر يوما بعد يوما، لافتا إلى أن "النقص الحاصل في الموارد البشرية على مستوى المديرية ربما من الأسباب المؤدية إلى هذا الوضع اللاقانوني". وشدد المصدر ذاته، في اتصال بهسبريس، على أن القطاع الحكومي الوصي "يجب أن يرسل تعزيزات من حراس الغابة، وتعزيزات أخرى من الدرك الملكي، للقيام بحملات تمشيطية ودوريات لشهور وسط الغابة من أجل الحد من هذه الظاهرة"، وزاد مستدركا: "لا يمكننا كقطاع المياه والغابات أن ننسى المجهودات المبذولة من طرف الدرك الملكي والسلطات المحلية، بإشراف مباشر من عامل الإقليم، لإيقاف عدد من ناهبي الثورة الغابوية".