قال يوسف العمراني، سفير المغرب بجنوب إفريقيا، إن البلدين معا "مدعوان إلى العمل سويا لمساعدة إفريقيا على مجابهة التحديات التي تواجهها". وأضاف العمراني، الذي كان يتحدث في مقابلة مع القناة العمومية الجنوب إفريقية "سي إي بي سي"، أمس الأربعاء، أن مهمته في جنوب إفريقيا "تسترشد بالطموح من أجل بناء جسور التعاون المثمر للجانبين من خلال تعزيز الحوار السياسي الثنائي وفي إطار الاتحاد الإفريقي". ولم يفوت الدبلوماسي المغربي التذكير بالإقامة التاريخية لرئيس جنوب إفريقيا السابق نيلسون مانديلا في المغرب في أوائل الستينيات من القرن الماضي، عندما كان يقود نضال شعب جنوب إفريقيا من أجل التحرر من نظام الفصل العنصري، موردا أن الأمر يتعلق بالتأكيد على دعم المغرب للكفاح العادل لهذا الشعب الصديق، الذي لم يفوت الأيقونة مانديلا أي فرصة للتأكيد عليه والاعتراف بقيمته الحقيقية. وفي معرض حديثه عن الوحدة الترابية للمملكة، قال العمراني إن قضية الصحراء "نزاع إقليمي تعالجه الأممالمتحدة"، مشددا على أن "قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لا تترك مجالا للتأويلات الشخصية أو التأثيرات الإيديولوجية". وتابع العمراني بأن الأهداف واضحة، والمعايير محددة والوسائل متاحة، مضيفا أن الأممالمتحدة، وبعد أن أدركت استحالة تطبيق خيار الاستفتاء، "دعت الأطراف، منذ عام 2004، إلى العمل من أجل التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ومستدام وتوافقي". وأكد السفير المغربي أن هذه المعايير الجديدة تنسجم تماما مع مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، والتي اعترف مجلس الأمن الدولي وكذا المجتمع الدولي بطابعها الجدي وذي المصداقية، مشددا على أن المبادرة المغربية واقعية لأنها تستند إلى الواقع السوسيو اقتصادي والسياسي الحقيقي بالمغرب، بما فيه أقاليمه الجنوبية. وردا على سؤال حول عملية ترسيم الحدود البحرية المغربية، أكد العمراني أن البرلمان المغربي اعتمد، وفقا للقانون الدولي وفي إطار السيادة الوطنية، بالإجماع مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية، مؤكدا أن هذه النصوص "تكتسي أهمية بالغة في سياق تحديث الترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات والحدود البحرية للمملكة المغربية"، ومضيفا أن "هذا الأمر يعد مسألة داخلية وعملا سياديا يتوافق مع اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار". وفي معرض حديثه عن الوضع في المنطقة المغاربية، شدد السفير على أنه في ظل السياق الراهن الذي يشهد تغيرات سياسية كبيرة وظروفا اقتصادية صعبة، فإن تحقيق الاتحاد المغاربي أصبح "ضرورة مطلقة"، وقال: "إن القضية الآن هي معرفة كيفية ترجمة تطلعاتنا المشتركة إلى دينامية إقليمية ملموسة تؤدي إلى الاندماج الاقتصادي والاستقرار والأمن الدائمين، وكذا إلى الرخاء"، مشيرا إلى أن تكلفة غياب اتحاد مغاربي لم تعد محتملة بالنسبة لبلدان المنطقة الخمسة على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وفي معرض رده على سؤال حول الوضع في ليبيا، ذكر السفير ذاته بأن المغرب أعرب عن انشغاله العميق جراء التصعيد العسكري بهذا البلد الشقيق، وقال إن المملكة ترفض أي تدخل أجنبي بما في ذلك التدخل العسكري به، مشيرا إلى أن حل هذا النزاع لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، وعلى أساس التوافق بين مختلف الفرقاء، في إطار المصلحة العليا لليبيا وللشعب الليبي. كما أبرز العمراني أهمية التضامن والتعاون الفعال والاستباقي بين جميع البلدان الإفريقية لمجابهة التطرف العنيف، وأي تهديد آخر عابر للحدود، لافتا إلى أن القيم الإفريقية للتضامن والتفاهم المتبادل وروح التعاون والتبادل تشكل، اليوم، رافعات للنمو والازدهار، يجب دعمها أكثر من أي وقت مضى، عبر رؤية والتزام وقيادة عالية الكفاءة، مؤكدا في الآن ذاته أن هذه الثلاثية التي ينتهجها الملك محمد السادس هي التي توجه المغرب في تفاعلاته الفضلى مع هذه البلدان الشقيقة والصديقة.