انتقد إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، تأخر الحكومة في إنقاذ صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس، وأكد أن المخاطر التي تنتظر تقاعد المغاربة تستدعي تدخلا حاسما لتسريع وتيرة الإصلاح. وكشف رئيس المجلس الأعلى للحسابات أن العجز التقني للنظام المالي لمعاشات الصندوق المغربي للتقاعد بلغ مع متم سنة 2019 ما مجموعه 5.24 مليار درهم، بعد أن سجل 6 مليارات درهم سنة 2018 و5.6 مليارات درهم سنة 2017. وحذر الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، في عرض قدمه أمام مجلسي البرلمان حول أعمال المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018، مساء الثلاثاء، من تراجع احتياطات الصندوق المغربي للتقاعد إلى 75.9 مليارات درهم. ولا تقتصر المخاطر المالية فقط على الصندوق المغربي للتقاعد، وفق المعطيات التي قدمها جطو؛ بل تشمل أيضا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والذي يعيش الوضعية نفسها ولو بحدة أقل.. في حين يسجل النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فائضا تقنيا ضئيلا لا يتجاوز 1 مليون درهم، ما يعني أن الصناديق الثلاثة للتقاعد في المغرب تواجه مخاطر مالية كبيرة. وأضاف المصدر ذاته، في إطار حديثه عن المخاطر التي تهدد المالية العمومية، أنه على الرغم من تنبيه المجلس الأعلى للحسابات إلى الوضعية المقلقة لهذه الصناديق والمخاطر الكبيرة التي تمثلها مؤشرات العجز على توازن المالية العامة؛ "فإنه، إلى حد الآن، لم يتم الشروع بعد في المراحل الموالية للإصلاح". وطالب رئيس المجلس ذاته الحكومة ب"تسريع عملية الإصلاح في اتجاه إحداث قطب موحد للقطاع العمومي يستجيب لشروط التوازن والاستدامة ولقواعد الحكامة الجيدة"، مضيفا أن "الأمر يستدعي تدخلا حاسما لتسريع وتيرة الإصلاح، قصد تفادي نفاد الاحتياطات وأثره السلبي على ديمومة أنظمة التقاعد وعلى الادخار وتمويل الاقتصاد الوطني". ويعاني الصندوق المغربي للتقاعد، كما هو الحال بالنسبة إلى الصناديق الأخرى، عجزاً تقنياً مستمراً منذ سنة 2014. وقد بلغ هذا العجز سنة 2017 حوالي ب5.6 مليارات درهم، أي إن المعاشات تتجاوز الاشتراكات (24.3 مليارات درهم مقابل 18.6 مليارات درهم). ويرتقب أن يواصل هذا العجز تفاقمه في السنوات المقبلة، حسب دراسات اكتوارية أجرتها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي. كما يواجه الصندوق إشكالية تتمثل في ضُعف المعامل الديمغرافي، أي عدد المشتركين مقابل المتقاعدين المستفيدين وذوي الحقوق، إذ وصل هذا المعامل سنة 2017 إلى 2.5 مقابل 3.5 سنة 2013؛ وهو مستوى ينذر باستمرار الأزمة مستقبلاً في حالة عدم وضع إستراتيجية لحلها. وبعد الإصلاح الذي أطلقته الحكومة السابقة، والذي طال الصندوق المغربي للتقاعد، يُنتظر أن تعرف أنظمة التقاعد بشقيها العام والخاص إصلاحاً في السنوات المقبلة، إذ سيتم دمج مختلف الصناديق في صندوقين اثنين فقط، لرفع أدائها وتفادي العجز المستمر الذي يواجهها منذ سنوات.