من المرتقب أن يستقبل المغرب في السنة المقبلة 2021 الدورة الثالثة عشرة من مهرجان المسرح العربي الذي تنظّمه الهيئة العربية للمسرح، بعدما اختتم دورته الثانية عشرة بالعاصمة الأردنية عمان. واعتلى ممثّلو خمس عشرة فرقة مسرحية قاعة مؤتمرات المركز الثّقافي الملكي بالعاصمة الأردنية عمان، مكرّمين، قبل تتويج المسرحية الجزائرية "جي بي إس" بجائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض عربي لعام 2019. وعلى مدار ستّة أيّام، استقبلت عمان عروضا مسرحية من مختلف دول الوطن العربي. وشهدت الدورة نقاشات حول المسرح الأردني، والتجارب المسرحية العربية، وتقديم أوراق نقدية ودراسات حول المسرحيات المشاركة والمسرح العربي عامّة، ولحظات إبداعية، قبل تسليم أيقونة الدورة المقبلة للمملكة المغربية. منشورات جديدة رأت النور في الدورة الثانية عشرة من مهرجان المسرح العربي ثلاثة "إصدارات خاصّة" للهيئة العربية للمسرح، تحلّل المسرح الأردني وتقدّم نماذج من عروضه وتجاربه والمهرجانات التي احتضنته، ونصوصا مسرحية مقترحة ل"تعزيز دور المسرح في التّعليم"، قصدَ "دعم الفعل التّعليميّ التعلّميّ". وأعطى كتاب "المسرح الأردني في ربع قرن.. نماذج من العروض والتّجارب والمهرجانات"، لمؤلفه عواد علي، لمحة تاريخية عن هذا المسرح الذي يرى أنّه بدأ في عام 1918 منذ إنشاء الكاهن أنطون الحيحي القادم من فلسطين جمعية باسم "النّاشئة الكاثوليكية العربية"، كان من بين أهدافها التّمثيل المسرحي، وقدّم قراءته في مجموعة من العروض والتّجارب المسرحية الأردنية. وقدّم الكاتب الأردني عبد اللطيف شما، في إصدار معنون ب"نفحة عدْل: نصوص للمسرح التعليمي"، مجموعة من النّصوص التي يرى أنّ من الممكن استثمارها في "المسرح التّعليمي"، وإنجازها على مراحل خلال السّنة الدراسية، وأرفقها بإرشادات للمعلّم حول كيفية إدارة النّقاش، في ما أسماه ب"حلقات العصف"، حول مضمونها ورسالتها ولغتها. في حين تناول الأكاديمي الأردني محمد خير يوسف الرفاعي، في مؤلَّفه "المسرح الأردني بين المادّة والشّكل والتّعبير 1965 - 1987"، "أهمّ خصائص النصّ المسرحي الأردني عبر مستويات الاقتباس والتّأليف فيه"، ودرس "الظواهر الفنية في النّصوص المسرحية عبر مراحل النّشوء وما قبل البعثات وما بعدها، مع ربطها بظواهر الأداءَين التّمثيلي والإخراجي" في فترة ما بعد البعثات المسرحية الأردنية، وتوقّف عند سنة سبع وثمانين. دارجة مغربية شاركت في المسابقة الرّسمية لمهرجان المسرح العربي، في دورته الثانية عشرة، مسرحيّتان مغربيتان هما: "النّمس" و"قاعة الانتظار 1"؛ فيما عرضت مسرحية مغربية أخرى هي: "سماء أخرى" في إطار العروض، جمع بينها اختيار العامية المغربية لغة أساسية للعرض. أمين ناسور، مخرج مسرحية "النّمس" التي كانت من بين المسرحيات الأربع المتأهّلة لنهائيات جائزة سلطان بن محمد القاسمي، قال إنّ منطلق اختيار الدارجة لغة للعرض هو "أنّنا كمغاربة نبذل مجهودا لفهم جميع اللهجات العربية، والدليل هو مشاهدتنا المسلسلات اليوم بالمصرية واللبنانية والسورية… فلم نجتهد في فهم لهجات الدول الشقيقة وهم لا يجتهدون أيضا في تذوّق لهجتنا ومحاولة فهمها، خصوصا وهي لهجة غنية". وأضاف ناسور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ الدارجة المغربية "لهجة الزّجل والملحون، والصور الشعرية والمجازية الرائعة جدا التي يمكن أن نجد بعضها في الدارجة ولا نجدها في العربية"، وزاد: المنطلق الثاني مسألة هوية؛ فصحيح أننا في مهرجان عربي ولكن كنت بين خيارين: تحويل عرضي وتحريفه فنيا، ليصير عربيا من أجل المهرجان، وخيار أنني ذاهب لمهرجان عربي والهوية المغربية جزء من الهوية العربية؛ فإذن سأذهب بهويّتي ولهجتي كما هي". ويقول المخرج المسرحي المغربي: "على الرغم من الصّعوبات مع اللغة المسرحية واللغة البصرية واللغة المشهَدية وبعض المفاتيح التي أعطيناها باللغة العربية في العرض، استطاع الجمهور متابعة العرض". وفي هذا السياق، استحضر ناسور نماذج سابقة انتشرت في المشرق مع استعمالها الدارجة مثل "الظّاهرة الغيوانية"، وسعد المجرد اليوم الذي تنتشر أغانيه على المستوى العربي، قبل أن يجمل: "عندما تقدّم فنّا فيه مستوى من الإثارة والدّهشة والفرجة يتجاوز الناس عائق اللغة ويكون التّواصل سلسا". مسرح وفكر رافقت الدورة الثانية عشرة من مهرجان المسرح العربي، في أيّامها الممتدّة بين اليوم العاشر واليوم السادس عشر من شهر يناير الجاري، ورشات تطبيقية ناقشت المسرحيات المعروضة، وورشات تدريبية، وجلسة تحكيم للمسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي للشّباب، فضلا عن مؤتمر فكري تناول بالنقاش مجموعة من التجارب المسرحية العربية. وأوصت الهيئة العربية للمسرح، في "حوصلة المؤتمر الفكري"، بأن تتمحور المساءلة العلمية في دورتها المقبلة حول الجهة التي تنظم المهرجان، والجهات التشاركية معها في الدول المعنية بتنظيم هذه التظاهرة من قبل أصحاب الاختصاص والخبرة؛ حتى تكتمل دائرة جدوى المساءلة العلمية، وأن تكون المساءلة ضمن محاور: إصدارات الهيئة العربية للمسرح وورشها التدريبية، والمؤتمرات الفكرية لدورات المهرجان، ومؤتمراته الصحافية، والندوات النقدية التطبيقية لعروض مهرجان المسرح العربي، والمسابقات العلمية التي تعقدها الهيئة. كما شهدت الدورة الثانية عشرة ظفر بحث الباحث المغربي الحسين أوعسري بالمرتبة الأولى في الدّورة الرابعة من المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي للشّباب، عن عمله البحثي المعنوَن ب"السّنن الثقافي في المونودراما العربية"، بعد جلسة تحكيم استقبلتها مؤسّسة عبد الحميد شومان بالعاصمة الأردنية عمان. وعرف الحفل الختامي لدورة "مهرجان المسرح العربي" بالأردن تسليم إسماعيل عبد الله، الأمين العام للهيئة العربيّة للمسرح، أيقونة الدورة المقبلة لخالد الناصري، سفير المملكة المغربية المعتمد لدى المملكة الأردنية الهاشمية، الذي تمنّى لضيوف المغرب "مقاما طيّبا ببلدهم الثّاني… الذي يستدعيهم ويرحّب بهم بالأحضان"، مؤكّدا أنّ المملكة "ترفع التحدّي لنكون على الأقلّ في مستوى هذه الدّورة بالأردن".