قال مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن سنة 2019 "كانت محطة جديدة في مسار التأسيس والبناء المؤسساتي والقيمي للسلطة القضائية في خضم دينامية الإصلاح والأوراش التنموية الكبرى التي يعرفها المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس". وأضاف فارس، في كلمة له خلال افتتاح السنة القضائية الجديدة، اليوم الأربعاء بمقر محكمة النقض تحت شعار "العدل أساس التنمية الشاملة"، أن نجاح مشاريع مجتمعية كبرى كهاته "يتطلب الكثير من الجرأة والحكامة لوضع الأسس الصحيحة وإرساء الممارسات الفضلى على أرضية صلبة وبخطى ثابتة". واعتبر المتحدث أن التحدي الحقيقي "كان هو البناء في العمق ومواجهة الإكراهات بكل واقعية وتغيير العقليات بكل صبر والتوجه نحو المستقبل بفكر خلاق مبدع ومبادرات استباقية جادة ونفس تشاركي حقيقي ومقاربات شفافة وتدبير ناجع يستثمر الفرص المتاحة ويغلق منافذ الخطأ والإهمال والتقصير". واستعرض الرئيس الأول لمحكمة النقض مجموعة من الأوراش التي شهدتها السنة الماضية، استهلها بورش الهيكلة والحكامة المؤسساتية، الذي حرص من خلاله المجلس الأعلى للسلطة القضائية "على إعداد مخطط إستراتيجي للموارد البشرية سواء على مستوى استقطاب الأطر والكفاءات أم على مستوى تكوينها وتأهيلها والرفع من قدراتها وتدبير شؤونها الإدارية وتتبع مساراتها الوظيفية". ورش تكريس الضمانات وتطبيق المعايير، وفق المتحدث ذاته، "عرف عقد العديد من الاجتماعات وقضاء الساعات الطويلة من أجل تحضير أعمال الدورتين العاديتين لشهري يناير وشتنبر وإعداد مختلف مشاريع القرارات والمقررات المنبثقة عنها والسهر على تنفيذها"، مذكرا بالنتائج المتميزة التي تم تحقيقها في هذا المجال "حيث أقدم المجلس على تعيين 72 مسؤولا قضائيا من رؤساء أولين ووكلاء عامين ورؤساء محاكم ووكلاء للملك بمناصب جديدة بعد استيفائهم لكافة الشروط أي بتعديل يصل إلى 33%، فضلا عن تعيين نواب للمسؤولين القضائيين قصد دعم عملهم المتشعب وخلق نواة لخلف مؤهل لتحمل المسؤولية في المستقبل، حيث قام المجلس سنة 2019 بضخ دماء جديدة من خلال تعيين 160 من القضاة الجدد المنتمين إلى الفوج ال42 بمختلف محاكم المملكة". وبخصوص ورش التخليق، أكد المتحدث أن المجلس حرص على جعل معايير الأخلاق والسلوك المهني المتميز كمرجعيات أساسية عند تعيين المسؤولين القضائيين، "كما عمدنا إلى ترقية عدد مهم من القضاة في مختلف الدرجات والرتب، وراسلنا السلطات الحكومية المعنية من أجل التفعيل السريع الأمثل للمراسيم المتعلقة بتعويضات القضاة وتحسين ظروفهم المادية والاجتماعية، باعتبار ذلك مدخلا أساسيا متوافقا عليه دوليا للتحصين وللتكريس الفعلي لاستقلال والتخليق"، يضيف فارس. وأضاف فارس أن المجلس ركز، من خلال ورش التواصل، على عدد من الواجهات والأولويات، حيث عقدنا من جهة أولى عددا من اللقاءات التواصلية داخل هياكل المجلس لخلق دينامية الفريق ووضع قواعد للعمل وتكريس قيم المؤسسة. كما فصّل المتحدث في عدد من الأرقام التي همّت ورش التكوين، "حيث استفاد هذه السنة 30 مسؤولا قضائيا بالمحاكم الابتدائية، و257 قاضيا مكلفا بالتحقيق، و67 قاضيا في جرائم الاتجار بالبشر، و20 قاضيا في قضايا جرائم الأموال، و25 قاضيا في مخالفات قانون السير، و20 قاضيا في جرائم الفساد وحماية المال العام، و15 قاضيا في جرائم المخدرات، و26 محافظا قضائيا، و5 أمناء". وبخصوص ورش تثمين الرأسمال البشري للسلطة القضائية، وإسهاما من المجلس الأعلى في تعزيز الحكامة المؤسساتية العمومية، "فقد بادر إلى تعيين قضاة لرئاسة أو عضوية عدد من المجالس والهيئات الوطنية والدولية والمشاركة في اللجان المكلفة بامتحانات الأهلية لمزاولة المحاماة والملحقين القضائيين فضلا عن القضاة الملحقين بعدد من الوزارات والسفارات والمؤسسات الوطنية، كما أنه إثراء للحقل المعرفي القانوني والمهني ونشر ثقافة قضائية حقوقية فقد أتاح المجلس مجالات واسعة للقضاة للتدريس وإلقاء دروس ومحاضرات بمختلف الجامعات والمعاهد بالمملكة تجاوز عددهم 320 قاضيا، فضلا عن إصدار عدد مهم من المؤلفات والدراسات والمقالات وتأطير رسائل للدكتوراه والماستر مسهمين بذلك في تكوين عملي متين للجيل الجديد من الطلبة وتأهيلهم لخوض غمار الحياة المهنية بكل يسر وسلاسة"، يورد الرئيس الأول لمحكمة النقض. وزاد فارس أن المجلس عمل، من خلال ورش تفعيل القوة الاقتراحية والاستشارية للمجلس من أجل تطوير منظومة العدالة، خلال سنة 2019، "على تفعيل دوره الدستوري كقوة اقتراحية من خلال وضع التقارير وإصدار التوصيات اللازمة بشأن وضعية القضاء ومنظومة العدالة بصفة عامة، من خلال عدد من المبادرات والتدابير". كما شهدت سنة 2019، وفق المتحدث دائما، ومن خلال ورش التعاون والشراكة، "دينامية كبرى على المستويين الدولي والوطني يمكن الوقوف على ملامحها في العناصر التالية من خلال استقبال رؤساء السلطة القضائية، ووزراء وسفراء ومسؤولي المحاكم العليا ووفود عن مؤسسات قضائية وحقوقية واقتصادية، من مختلف قارات العالم، الزيارات التي قامت بها مؤسسة الرئاسة لعدد من الدول، ومذكرات التفاهم والاتفاقيات والمشاركات الخارجية". أما عن ورش المساهمة في القضايا الوطنية الكبرى، فقد نظم المجلس، احتفاء بذكرى المسيرة الخضراء، لقاء تواصليا مهما مع وفد أيسلندي رفيع المستوى ضم عددا كبيرا من الشخصيات القضائية والقانونية والحقوقية بهدف التعريف بمضامين ومرتكزات قضيتنا الوطنية. كما شاركنا في تنظيم ندوة وطنية بنفس المناسبة بمدينة الداخلة الأبية حول دور الدبلوماسية الموازية في الدفاع عن وحدتنا الترابية، فضلا عن أن كل الزيارات الدولية لمؤسسة الرئيس المنتدب شكلت فرصة أخرى لإبراز آخر المستجدات بشأن القضية الوطنية والتأكيد على عدالتها وشرعيتها التاريخية والقانونية".