أثارت تصريحات وزير الثقافة، حسن عبيابة، التي تساءل فيها عما تقدمه الفرق المسرحية المغربية للإبداع، امتعاض ممارسي الفن المسرحي بالمغرب، وأعادت، كذلك، إلى الواجهة سؤال واقع المسرح المغربي، الذي يعيش على وقع تراجع إقبال الجمهور. الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة وجهت نقدا لاذعا، بشكل ضمني، إلى وزير الثقافة، إذ قالت في بلاغ عقب تصريحاته إنها "تابعت بقلق كبير ما يتم تداوله من نقاشات وتصريحات تضرب في العمق مجهودات الفرق المسرحية والمبدعين المسرحيين". وبالقدر الذي أثارت تصريحات وزير الثقافة غضب المسرحيين المغاربة، فإنها، في المقابل، كانت مناسبة لتسليط الضوء على كيفية صرْف الدعم المالي الذي تقدمه الوزارة للفرق المسرحية، والذي يقدّر بملايين الدراهم سنويا. الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة فجّرت هذا الموضوع بمطالبتها بفتح تحقيق حول ما سمّتها "التمويلات الريعية التي قُدمت من طرف الوزارة خارج مساطر الدعم، وكانت غاياتها تكسير وحدة المسرحيين المغاربة، وتبخيس القيمة الفنية والإبداعية للمسرح المغربي". وتعود الانطلاقة الأولى لدعم الفرق المسرحية من طرف الدولة إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي، إذ أمر الملك الراحل الحسن الثاني بتخصيص نسبة 1 في المائة من ميزانيات الجماعات لدعم الفرق المسرحية. وفي عهد حكومة التناوب، تمّ توقيع مرسوم للدعم، تلاه قانون ودفتر تحملات. ورغم وضع آليات قانونية لاستفادة الفرق المسرحية من الدعم المالي المقدم إليها من طرف وزارة الثقافة، فإنَّ طريقة صرْفه تحتاج إلى مراجعة، إذ تعاني الفرق في سبيل الحصول عليه بسبب تأخر صرفه، حسب خالد بيشو، المخرج المسرحي رئيس فضاء تافوكت للإبداع. ويشير بويشو إلى أنّ هناك فرقا مسرحية لم تحصل بعد على كل الدعم المفروض أن تناله برسم سنة 2019، رغم استيفائها جميع الالتزامات، وإنهائها للعروض المسرحية التي التزمت بها في دفتر التحملات، بينما لم يتبقّ سوى أقل من شهر على إعلان وزارة الثقافة قائمة الدعم برسم سنة 2020، والمرتقب إعلانه في فبراير المقبل. وبلغ إجمالي الدعم المالي الذي خصصته وزارة الثقافة لدعم الفرق المسرحية برسم السنة الفارطة 15.190.000 درهم، إضافة إلى مبلغ أربعة ملايين درهم خُصص لمجال دعم الجولات المسرحية الوطنية. غير أنّ الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة ترى أن الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة، وإن كان مهما، كما جاء في بلاغها، إلا أنه "لازال لم يرق إلى ما تطمح إليه الحركة المسرحية"، واصفة إياه ب"الهزيل"، وبأنه "يحد من التشجيع على الإنتاجات الكبرى خارج أحزمة الدعم المفتقرة للخيال والمكبّلة للإبداع". ويرى خالد بويشو أنّ عدم صرْف الدعم المالي للفرق المسرحية وفق جدول مضبوط يجعلها تتخبط في مشاكل تؤثر على عملها، بل يؤثر، أيضا، على الموسم المسرحي ككل ويُربكه. وأوضح المتحدث في هذا السياق أنّ وزارة الثقافة ستفتح باب تقديم طلبات الدعم للفرق المسرحية برسم سنة 2020 شهر فبراير، وتنتظر بعدها شهرين ريثما تنظر لجنة الدعم المسرحي في الأعمال المقدمة، أي قبل رمضان مباشرة، ثم تليه عطلة فصل الصيف، وهو ما يجعل برنامج عمل الفرق المسرحية مرتبكا. وتابع المتحدث ذاته بأنّ هذا الارتباك يؤثر بشكل سلبي على حصيلة عمل الفرق المسرحية؛ ذلك أنّ حتى المهرجان الوطني للمسرح، الذي هو بمثابة خاتمة الموسم المسرحي، والذي كان يُقام في شهر يونيو، قبل حلول العطلة الصيفية، لم يعُد له موعد محدد. وبخصوص جودة الأعمال التي تقدمها الفرق المسرحية، قال بويشو إنّ الأخيرة لازالت تقدم أعمالا جيدة، ولها وزن حتى على الساحة الإقليمية، مشيرا إلى تألق الفرق المسرحية المغربية المشاركة في مهرجان المسرح العربي في عمّان.