منذُ أزيد من أسبوعين، ما زالتْ أسرة شهبون، السّاكنة بحي بوعرور بالنّاظور، تبحث عن ابنها الأبكمِ المُختفي المسمى نبيل الذي علمتْ في وقتٍ لاحقٍ أنّ السّلطات الأمنية نقلته، عن طريقِ الخطإ، ضمن فوجٍ من القاصرين الرّاغبين في الهجرة نحو أوروبا، في حافلةٍ خاصّة، إلى مدينة الدّار البيضاء. ويحكي المعطي شهبون، والدُ نبيل، بحسرة عن ظروف اختفاء ابنه في ال21 من شهر دجنبر المنصرم، حين ظلّ والداهُ طيلة الليلة ينتظرانِ عودته دون جدوى، لتبدأ الأسرة رحلةَ البحث عنه في شوارع المدينة وساحاتها العمومية ولدى مراكز الأمن والمستشفيات... يقول شهبون: "في اليوم الموالي لاختفاء نبيلٍ (البالغ من العمر 15 سنة)، قصدتُ مركز الشّرطة في وسط المدينة واضعًا في حسباني أن يكون نبيل قد تم إيقافه عن طريقِ الخطإ ولا يدري كيفَ يُدافع عن نفسه باعتباره أبكمَ؛ غير أنّ رجالَ الأمن المُداومين أخبروني بأنّه ليس ضمن الموقوفين ليلة أمس طفلٌ بمواصفات نبيل، ثم بعدَ ذلك ذهبتُ إلى مستشفى الحسني بالنّاظور لأتلقّى نفس الإجابة". وأضاف المتحدّث : "بعدَ أشواطٍ مستمرّة من البحث في جنبات المدينة، قصدتُ دائرة الأمن المتواجدة بحيّ تاويمة، وهناك علمتُ أن نبيل قد تمّ نقله إلى مدينة الدّار البيضاء بعد أن اعتُقِد أنّه واحدٌ من "الحرّاكة" الوافدين إلى النّاظور من أجلِ دخول مدينة مليلية والهجرة نحوَ أوروبا". وأخبرني شرطيّ في دائرة الأمن بتاويمة، يتابعُ المتحدّث، أنّه اِلتمسَ من المسؤولين عن هذه الحملة ترك نبيل باعتباره أبكمَ ومجهول الهويّة وليس هناك دليلٌ لتصنيفه ضمنَ "الحراكة" القاصرين الذين عملت السّلطات على نقلهم إلى مدنهم بعدَ تزايد عددهم بشكل لافت في المدينة؛ غير أنّ ذلك الالتماس لم يُؤخذ بعين الاعتبار ليتم ترحيله في تمام السّاعة العاشرة من يوم 21 دجنبر صوب مدينة الدّار البيضاء، تاركًا أسرته تنتظرُ عودته على أحرّ من الجمر. وتصادفَ أن التقى والد نبيل بأحد معارف ابنه الذي أطلعه على الخبر اليقين باعتباره كان هو نفسُه واحدًا من المُرحّلين ضمن الحملة ذاتها... وهكذا علم الأبُ أن ابنه نبيل، الذي ظلّت أسرته تبحث عنه طيلة هذه المدّة، تمّ ترحيله فعلًا إلى مدينة الدّار البيضاء عن طريقِ الخطإ إلى جانب عددٍ من القاصرين المقيمين بمدينة النّاظور؛ غير أنّ هؤلاء القاصرين تمكّنوا من العودةِ بعد تدبّر أمورهم، فيما ظلّ نبيل الذي لا يعلمُ لغةً للتّواصل أكثر من الإشارة في عراء المدينة وحيدًا ينتظر من يأخذ بيده ليرشده إلى أسرته.. وبعد تأكّده من الخبر، انتقل الأب في اليوم الموالي إلى مدينة الدّار البيضاء رفقة ابنه الآخر، ليقضي في المدينة ذاتها ستّة أيّام كاملة بحثًا عن فلذة كبده في أرجاء المدينة الضّخمة دون طائلٍ، ليضطرّ إلى العودة مكرهًا خاوي الوفاض بعد أن ألصقَ صورًا له مرفوقة برقم الهاتف في الأماكن العمومية المعروفة بالعاصمة الاقتصادية. وتعيشُ الأسرةُ، المكلومة بفقدِ فلذة كبدها، معاناةِ انتظار رنين الهاتف على أمل أن يخبرهم أحدٌ بأنّه صادفَ الابن المختفي في أحد الأماكن، وأنّه بخير وفي حالة جيّدة، بعد أن تقطّعتْ جميعُ سبلِ البحثِ عنه في مدينة بحجم الدّار البيضاء. وتضع أسرة نبيل شهبون رقم هاتفها رهنَ إشارة كلّ من صادفَ أو رأى نبيل في مكان ما بمدينة الدّار البيضاء: 0623746398