لم يكن أشد المتشائمين في ملف متابعة الزميل عمر الراضي يتوقع أن يقضي الصحافي المغربي ليلته الأولى بسجن "عكاشة"، بسبب "تغريدة" تفاعل فيها مع الأحكام الصادرة في حق معتقلي "حراك الريف"، فقد قرر قاضي المحكمة، خلال أولى جلسات مثوله بابتدائية الدارالبيضاء، متابعته في حالة اعتقال، في انتظار موعد الجلسة الثانية. وأجلت المحكمة ملف عمر الراضي إلى غاية 2 يناير 2020، وهو ما يحتم عليه قضاء أسبوع كامل بالسجن، إلى حين النظر في إمكانية السراح، خلال الجلسة الثانية، مثيرة بذلك سخطا عارما وسط الصحافيين. كما خرجت عديد الهيئات والجمعيات الوطنية والدولية للتنديد، واصفة الأمر ب"المهزلة"، على اعتبار أن ما كتبه الراضي يقال في مختلف وسائل الإعلام. وقررت المحكمة التأجيل بناء على طلب قدمه دفاع الصحافي المغربي، وشدد من خلاله على إعطائه مهلة لإعداد الملف، ومواجهة التهم التي يتابع بشأنها الراضي، وتتعلق أساسا بإهانة الهيئة القضائية، والتي يُعَاقَبُ المسؤول عنها طبقا للمادة 263 من القانون الجنائي ب"السجن من شهر إلى سنة، وغرامة مائتين وخمسين ألف درهم". وللمرة الثانية يستدعى الصحافي المغربي، الذي يكتب باللغة الفرنسية بشكل مستقل في عديد المؤسسات الإعلامية، إذ مثل أمام الشرطة القضائية في 18 من أبريل الماضي، لكن أخلي سبيله مباشرة بعد الاستماع إليه، ليأتي القرار صادما هذه المرة بإحالة ملفه على النيابة العامة التي قررت متابعته في حالة اعتقال. وفي السياق، أوردت خديجة الرياضي، وهي رئيسة سابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن "أغلب الصحافيين المهنيين اختاروا الهجرة صوب الخارج، أو سلك مسارات التدريس بالتعليم العالي، في حين كان عمر الراضي حالة خاصة ظلت مزعجة على الدوام، وهو ما جعل الدولة تفكر بكل الأشكال في الانتقام منه". وأضافت الرياضي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الرغبة وراء المتابعة هي القضاء على الصحافة المهنية، وضرب واحد لكي يخاف الجميع"، مشيرة إلى أن "الأحكام تروم إحداث فعل الأذى كي يعود الجميع إلى الوراء ويحسوا بالرعب جراء تغول الدولة، وتركها تفعل ما تشاء على الدوام". وأوضحت المتحدثة أن "الاعتقالات تزايدت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، خصوصا في صفوف الصحافيين"، مؤكدة أن "الدولة ترغب في الحفاظ على جهاز إعلامي عمومي وحيد، والبقية التي تمارس المهنة بشكل حقيقي جزاؤها هو السجن، خصوصا من يتحركون في ملفات معينة، ولهم حضور في مختلف وسائل الإعلام".