نشرت القوّات الإسبانية أسطولها الجوّي قبالة سواحل جزر الكناري، في خطوة لا يعرف أسبابها الحقيقية؛ فبينما ذهبَ البعض إلى ربطِ استعراض طائرات f-18 الإسبانية بالقرار الذي اتخذه البرلمان المغربي بشروعهِ في رسم حدوده، اعتبر متتبّعون آخرون أنّ "الأمر لا يعدو يكون مُوجّهاً للاستهلاك الداخلي، في خضمِّ الوضع السياسي الحرج في مملكة إسبانيا". وتزامناً مع توجّه المغرب لترسيم حدوده في المياه الإقليمية قبالة الأقاليم الجنوبية، عبر مشروعي قانونين سيعرضان قريباً للمصادقة في جلسة تشريعية عامة في مجلس النواب، نشرت القوّات الجوية الإسبانية طائرات "F-18" قبالة سواحل جزر الكناري. وأوردت المعطيات الإسبانية أنّ الطائرات الحربية انطلقت من قاعدة "غاندو" الموجودة في جزر الكناري. وقال فيكتور توريس، رئيس جزر الكناري، إنّ "إسبانيا لن تُسامح إذا مسَّ المغرب "ميلا واحداً من مياه بحر الكناري". الاستهلاك الدّاخلي يرى عبد الحميد حارفي، الباحث في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، أنّ "جزر الكناري بها قيادة عسكرية جوية مسماة MACAN بها الجناح السّادس والأربعون الذي يتبع له السرب 462 لطائرات إف 18 بقاعدة غاندو. وسنويا يتم تنظيم مناورات بهذه القاعدة لهذه المقاتلات". واعتبر الخبير العسكري أنّ "الأخبار التي يتم الترويج لها في الصحافة الإسبانية هي للاستهلاك الداخلي في خضم الوضع السياسي الحرج في مملكة إسبانيا، وليس لها أي طابع رسمي؛ فلا يمكن لإسبانيا أن تبدي اعتراضها حول مسألة سيادية داخلية بحتة، فقانون البحر يعطي الحق للمملكة في هذا الإطار". وقال حارفي إنّ هذه القوانين "جاءت لتتميم ظهير 1970 الذي يحدد المجال الاقتصادي الخالص من طنجة الى طرفاية"، مضيفاً أنّ "حديث الصحافة الإسبانية عن طائرات F18 هو كذلك لزيادة المخاوف من تطور الترسانة العسكرية المغربية في ظل تراجع القدرات العسكرية الإسبانية". وأوضح الخبير ذاته أنّه "عندما تحدث ناصر بوريطة، وزير الخارجية، عن إمكانية فتح باب النقاش مع الجيران حول الحدود البحرية فقد كان يقصد ملف توسيع المجال البحري من 200 إلى 350 ميلا بحريا الذي اعترض عليه المغرب بالنسبة إلى إسبانيا والبرتغال وموريتانيا سنة 2009 إلا أن يتم التوافق على ذلك ثنائيا وبعد إجراء للدراسات العلمية والقانونية في هذا الشأن". إسبانيا تردّ على المغرب قال الخبير العسكري عبد الرحمان المكاوي إنّ "الأسطول الجوّي الإسباني تحرّك رداً على خطوة المغرب رسم حدوده البحرية وتحت ضغط "لوبي السّمك"؛ وهو ما دفع الحكومة الإسبانية إلى استعراض قواتها الجوية في هذا التّوقيت فوق بحر جزر الكناري". وأردف المكاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المغرب عيّن أحد الخبراء الكبار في الجّرف القاري من أجل مواكبة هذه العملية، وهو خبير بريطاني كما سيقوم بتعيين خبراء آخرين لتحديد الوضع القانوني للمياه المغربية، على ضوء القوانين التي تقدّم بها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أمام البرلمان". وقال الخبير العسكري إنّ "طائرات F-18 قريبة من نظيرتها F16 ، حيث إنّ التعديلات التي أدخلها الأمريكيون على طائرات f16 من حيث زيادة السّرعة والمنظار اللّيلي، يجعلها تتفوق على الطائرات الإسبانية"، مورداً أنّ "حكومة جزر الكناري تحتجُّ بقوة لكونها معنية برسم الحدود البحرية، وفي صالحها الإبقاء على الفراغ القانوني القائم".