ما يقع داخل حزب الأصالة والمعاصرة لا يعني أعضاء الحزب فقط، ولكنه يعني جميع المغاربة الذين وضعوا ثقتهم فيه ليمثلهم. والهدف الحقيقي من افتعال هذا الصراع داخل الحزب من طرف جهات خارجية، باستعمال أدوات داخلية، هو فسح المجال أمام اكتساح انتخابي كلي للإسلاميين في الانتخابات المقبلة. تفتيت أكبر حزب معارض وثاني قوة سياسية في البلد الهدف منه هو كسر التوازن الذي استطاع حزبنا أن يفرضه في الساحة في السنوات الماضية، ولا يمكن للخصوم قبل الأصدقاء أن ينكروه. ومن يسعى لتشتيت "البام" اليوم هدفه الحقيقي هو أن يستفرد الإسلاميون بالساحة الفارغة تماما من أي خصم حقيقي، وهذا يشكل خطرا على البلد بأكمله وليس على حزب الأصالة والمعاصرة لوحده. هناك تقاطع مصالح وراء افتعال هذا الصراع، بين من يسعى للتموقع وبين من يسعى لوضع الحزب في يد الإسلاميين وبين من يسعى لترويض الحزب وتقزيمه ليفقد سيادة قراره. والخطير في الأمر هو أن التعددية الحزبية اليوم في بلدنا في خطر أكثر من أي وقت مضى، وأتمنى أن يلتقط المسؤولون هذه الإشارات قبل فوات الأوان. هذا لا يعني أن جميع رفاقنا متورطون في المؤامرة التي تحاك ضد الحزب، بالعكس هناك مجموعة كبيرة من المناضلين الشرفاء في الطرف الآخر تورطوا في هذا الصراع بحسن نية لأنهم لم يكونوا راضين عن الأوضاع داخل الحزب من قبل. وهم ليسوا مخطئين في تقييمهم، ولكنهم اليوم يتم استغلالهم في صراع لا يهدف إلى إصلاح الحزب بقدر ما يهدف إلى تشتيته. مصلحة الحزب اليوم في وحدته وليس في شتاته، ومصلحة البلد في بقاء "البام" قويا في الساحة ليخلق التوازن المطلوب ويوقف زحف الإسلاميين واختراقهم لجميع المؤسسات. لقد أصبحوا دولة وسط الدولة، واستطاعوا أن يخترقونا بتواطؤ البعض مِنَّا. أتمنى صادقا أن يترفع الجميع في هذه المرحلة الحساسة عن الحسابات الضيقة، لكي لا نندم جميعا يوم لا ينفع الندم. فالمرحلة تتطلب الكثير من النضج ووضع مصلحة الوطن والحزب فوق كل اعتبار. لا تنسوا أبدا أصل الفكرة التي خرج منها هذا المشروع، ولا تنسوا أبدا الهدف الرئيسي الذي جئنا لتحقيقه. لا تنسوا أبدا الضربات التي تلقيناها بدون رحمة طيلة العشر سنوات الماضية، ولا تنسوا أن ملايين المغاربة وضعوا ثقتهم فينا على هذا الأساس. فهل سنخون ثقتهم اليوم إرضاء لنزوات البعض؟! تذكروا جيدا أن الوجه الأليف الذي يصدره الإسلاميون اليوم لن يستمر غدا عندما سينجحون في تصفية كل خصومهم في الساحة ويتمكَّنون، وهم يعرفون جيدا أن حزب الأصالة والمعاصرة هو الخصم الحقيقي الذي يجب أن يجهزوا عليه اليوم قبل الغد. وحينها سترون وجههم المفترس، فلا تقدموا لهم حزبكم اليوم بأيديكم! جئنا لنحمي هذا الوطن .. والوطن أولا وأخيرا!