تخلّت عن أدوار الجرأة الصادمة، واختارت أن تسلك مسارا جديدا تنتصر فيه لقضايا المرأة المعاصرة المستقلة من خلال أدوارها السينمائية، كما انخرطت في حملة "انتفاضة المرأة في العالم العربي" التّي تهدف إلى تعزيز مكانة النساء في العالم العربي. الشابة التي شقت طريقها نحو المجد والشهرة مبكرا، عبر أداء متميز في الفيلمين التونسيين "موسم الرجال" و"صمت القصور" لمفيدة التلاتلي؛ وهو ما مهد لها الطريق نحو سحر الشرق، فاحتضنتها مصر، وكانت البداية مع إيناس دغيدي في "مذكرات مراهقة" المثير للجدل، اختتمت السنة بتتويج من طرف الجمهور كأفضل ممثلة سينمائية لسنة 2019، في استفتاء مجلة "الدير جيست". بلباقة واسترسال خطابي، تتحدث الممثلة التونسية هند صبري، في حوار مع هسبريس، عن تحول مواقفها السينمائية وانخراطها في حملات لتعزيز مكانة المرأة، كما تكشف عن مشاركتها في أعمال مغربية. "نورا تحلم" من بين الشخصيات التّي أعادتك إلى السينما من بابها الواسع، حدثينا عنها؟ "نورا" شخصية رمادية مركبة جديدة عليّ وعلى جمهوري، امرأة متزوجة تقيم علاقة مع رجل آخر.. يمكن القول إنّ الفيلم يصور ردّة فعل مجتمع ذكوري اتجاه الخيانة الزوجية المرتكبة من طرف امرأة مقارنة برجل. اعتدنا في السينما العربية على تقديم "المرأة ضحية" سواء ضحية عنف ممارس عليها، أو امرأة تقدم تضحيات من أجل إنقاذ أسرتها، حتّى إن كانت تعيش أوضاعا تعتبر صادمة في مجتمعات أبوية.. ما أثارني في شخصية "نورا" هو أنّها تضع مسافة بين الأحكام المسبقة عن الشخصيات النسائية الضحايا. على الرغم من جرأة الفيلم فإن معالجته تمت بصورة مثالية، هل كان شرطك الأساسي لتقديم الشخصية؟ المخرجة هند بوجمعة اختارت منذ البداية تصوير فيلم جريء الطرح دون أن تتخلله مشاهد صادمة على الشاشة، والاعتماد على قوة المشهد خارج "الكادر"؛ في حين تترك الباقي لمخيلة المتلقي وقوة تشخيص الممثلين. هل تخليت عن تصوير مشاهد "الجرأة"؟ يمكن القول إنّي تخليت عن أدوار "الجرأة" التّي تعتمد على المشاهد الصادمة لجذب الجمهور؛ لكن ما زلت متشبثة بجرأة المواضيع والفكرة، لأن سيكولوجية الجمهور تغيرت، ولم تعد الصدمة تنفع من أجل إثارة الجدل حول عمل ما. هل أنت من الفنانات اللواتي يتأثرن بالشخصيات التي تجسدينها؟ أتأثر دائماً بشخصيات أفلامي طوال فترة التصوير؛ ولكن عقب الانتهاء منها ينتهي الأمر تماماً.. ولأول مرة منذ وقت طويل للغاية، أتأثر بدوري في فيلم "الفيل الأزرق"؛ فالأمر كان غريباً حقاً علي، فأنا كنت في عزلة تامة وظللت فيها كثيراً بسبب الفيلم. إلى أيّ حد يمكن للسينما أن تلعب دورا في الدفاع عن قضايا المرأة؟ طيلة هذه السنوات التّي مارست فيها التمثيل، أجد نفسي أدافع عن قضايا المرأة أكثر فأكثر، دون أن أكون مناضلة بالضرورة.. السينما تلعب دورا كبيرا في التحسيس والتأطير والتوعية بحقوق النساء... إن الدفاع عن حقوق المرأة ردّ فعل طبيعي إزاء الظلم، الذي تعانيه النساء كل يوم في العالم العربي. كيف ترين واقع حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالمجال؟ مع الأسف، وضع حقوق الملكية الفكرية السينمائية جد متردّ في العالم العربي، لا يمكن وصف حجم معاناة المهنيين في المجال.. صحيح أنّ مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في التعريف بالحقوق الفكرية والمادية للفنانين؛ لكن مجال السينما لم يستفد من ذلك بقدر المجال الموسيقي. هل هناك مشاريع مستقبلية للمشاركة في عمل مغربي؟ توصلت، بالفعل، بعرض للمشاركة في عمل مغربي.. وكل ما يمكنني قوله حول هذا العرض هو أنه عمل تلفزيوني، وأنني ما زلت في مرحلة دراسته. في المقابل، أتطلع إلى تقديم مسلسلات تونسية، لا سيما أنني غيبت عنها سنوات طويلة وحان الوقت لأعود إليها.