بدأ حافظ المخير عقدا ثانيا من الاشتغال في مجال الطاقات المتجددة بألمانيا، مخصصا هذه المرحلة الجديدة للتطور أقصى درجة بعدما جعل سابقتها لاستجماع المعرفة والخبرة في أعلى مستوى. يزداد إيمان الخبير الثلاثيني ذاته، مع توالي الشهور والسنين، بأن الأمن الطاقي محدد وازن في العلاقات الدولية المستقبلية، ويوصي بالتركيز على مهن هذا المجال الواعد بتغيّرات أوفر عن قريب. تأثر مبكر بألمانيا ينحدر حافظ المخير من مدينة بن سليمان، إذ رأى النور فيها سنة 1981 قبل أن ينتقل إلى المحمدية؛المدينة التي حصل فيها على شهادة الباكالوريا. يقول المخير إنه قرر الهجرة إلى أوروبا بعد تأثره بألمان خلال المرحلة الثانوية من مساره المدرسي، وقد كان هؤلاء من بين المشتغلين في الطاقات المتجددة. ويضيف حافظ: "كان انجذابي مبكرا صوب ألمانيا بفعل سحر كرة القدم، إذ عشقت أسلوب لعب منتخب الماكينات وأنا صغير، ثم جاءت مرحلة اختيار دراسة الطاقة بهذا البلد الأوروبي". التعلم والعمل انخرط "سليل بن سليمان" في دراسة اللغة الألمانية بعد حصوله على "الباك"، قاصدا مدينة الدارالبيضاء يوميا لتحقيق هذا الغرض في إحدى المؤسسات المختصة. ويكشف حافظ المخير أن أحد الأساتذة رصد بعض المرات التي تأخر فيها عن توقيت انطلاق حصص تعلم اللغة، ويردف ساخرا: "لقد أوصاني بالانضباط في المواعيد إن كنت أريد التوجه إلى ألمانيا". وصل المغربي نفسه إلى التراب الألماني صيف 2003، قاصدا مدينة "فرانكفورت" من أجل الاستقرار أسبوعين في بيت أحد أقاربه ممّن سبقوه إلى هذه البلاد. "كانت هذه مرحلة انتقالية قصيرة للغاية، وبعدها انتقلت إلى الاعتماد الكلي على نفسي، من أجل توفير مستلزماتي والتميز الدراسي، جامعا بين العمل والتعلّم منذ بدء السنة التحضيرية للمرحلة الجامعية"، يقول الخبير الثلاثيني ذاته. الطاقات المتجددة استند حافظ المخير على شهادة الدروس الثانوية التي نالها في المغرب من أجل ارتياد جامعة "دارمشتادت" الألمانية، ملتزما بحصص التقنيات الكهربائية قبل التخصص في الطاقات المتجددة. حرص المترعرع في المحمدية على العمل ثلاثة أيام كل أسبوع، بالموازاة مع سير مساره في التعليم العالي، حتى وصول موعد التخرج؛ ظافرا بدبلوم مهندس في الميدان الذي اختاره لمستقبله العملي. نجح المخير في نيل منصب شغل أول ضمن طواقم ذات مستوى عال في مدينتَي "كاسل" و"همبورغ"، واستغرق ثلاث سنوات، ممتدة بين 2009 و2019، لاستجماع خبرة من الأوراش التي انخرط فيها. نقل المعرفة مستجمع 17 سنة في الهجرة بألمانيا يعتبر أن المجتمع الذي استقبله يحترم العمل ويرفض مثيري المشاكل والفوضى، ولو كانوا من أبناء البلد، ويزيد: "الصداقة الألمانية تحددها البراغماتية بشكل واضح". كما يسترسل حافظ المخير: "تعلمت الكثير من قبول الألمانيين نقل المعرفة التي استجمعوها إلى غيرهم، إذ لا يتحفظون في تمكين الطلبة من مستوى تكويني عال ولو كانوا من الأجانب". ويسقط المخير الرأي عينه على الشق المهني بعموم الشركات الألمانية، مشددا على أن الاشتغال لصالحها يتيح لكل الأطر، كيفما كانت الرتب والتخصصات، من استجماع خبرة واسعة لا تعادلها أخرى في أوروبا. شركة للتطوير بالوصول إلى سنة 2013 بدأ حافظ المخير التفكير في شركة خاصة به ضمن القطاع الذي يخبره، فأرسى دعائم مؤسسة للطاقات المتجددة تهتم بالجهدين الكهربائيّين المتوسط والعالي. ويستند أداء "شركة المخير" على طاقم احترافي من 20 شخصا، بحضور أسماء 3 من المغاربة في هياكلها المختلفة، بينما يرى حافظ أن شركته قادرة على التطور إلى أرقى مستوى في وقت قريب. يقول المنتمي إلى "مغاربة العالم" إن اشتغالات الشركة التي أنشأها تستند على الرفع من شدة الطاقة الكهربائية فعليا، ولها تدخل في تدوير النفايات لإنتاج الطاقة النقية، وتبحث في تخزين الطاقة من تحويل الهيدروجين. كما يشدد حافظ المخير على أن تفكير الشركة ينصب، أيضا، على الانتقال صوب الطاقة المتجددة مع التوازن في تزويد شبكات التوزيع الكهربائي بما يلائم حاجيات المستهلكين النهائيين. مساعدة الوطن الأم "أريد أن أصل مرتبة أرقى في الاشتغال الذي أقوم بها وسط الديار الألمانية، وبالموازاة مع ذلك يسكنني طموح بمساعدة المغرب، وطني الأم، في الوصول إلى الأهداف الطاقية التي ينشدها"، يذكر حافظ المخير. ويعلن الخبير الطاقي عينه أنه يتابع باهتمام بالغ التطورات التي تراهن عليها المملكة في مجال الطاقات المتجددة، ثم يكشف أنه يريد، من خلال مشاريع في مرحلة الصياغة النهائية، وضع ما يعرفه رهن إشارة تطلعات المغرب. "الوطن الأم يبقى ساكنا القلب رغم مرور الزمن، لذلك لا يمكنني إلا خدمة بلدي من أي مكان كنت فيه، بينما تحقيق الأمن الطاقي له أهمية أكبر مما قد يخاله البعض من غير الضابطين للعلاقات الدولية"، يزيد المخير. مهن المستقبل ينصح حافظ المخير المغاربة الراغبين في البحث عن نجاحات دراسية وعملية في ألمانيا بضرورة إتقان لسان أهل البلد قبل الهجرة، كما يبرز أن الفشل يبقى مادّة أولية قابلة للاستثمار بنية الوصول إلى التميّز. ويردف المصطف ضمن الجالية المغربية في ألمانيا: "يجب على الجيل الجديد أن يستفيد من تجارب سابقيه؛ وأن يقوم بتحديد أهداف واضحة ويتشبث بأعلى مستويات الدراسة، مع الغدوّ خير سفراء لتمثيل المغرب". "ينبغي العمل، فوريا، على اغتنام الفرص المتاحة للتكوين في المهن المستقبلية التي ستحتاجها السوق بعد سنوات من الحين، وبينها ما تستدعيه الطاقات المتجددة من خبرات تقنية"، يقول الخبير الثلاثيني ذاته.