العنوان أعلاه يرسم تحديا على رئيس الحكومة الإسبانية المكلفة بتصريف الأعمال، وهو مرتبط بطقس اجتماعي أنثروبولوجي حيث يتناول الإسبان حلوى الترون المستخلصة من اللوز وبعض المكونات الأخرى صبيحة اليوم الأول من السنة الجديدة، وهو إشارة إلى الزمن السياسي الذي تبقى لبيدرو سانشث كي يصل إلى أوفاق لاستكمال تحالفاته مع الفرقاء السياسيين الجهويين والمحليين ليكمل نصاب إخراج أغلبيته النسبية لتشكيل الحكومة إثر التكليف الذي حظي به من طرف العاهل الإسباني فيليبي الثاني وفق الدستور الإسباني. دعنا نذكر بأن المتاح السياسي تفاوضيا كان أفضل بالنسبة إلى سانشث قبل الذهاب إلى انتخابات 10 نونبر 2019 سواء من حيث عدد الأصوات أو من حيث إمكانيات التفاوض مع الفرقاء السياسيين من كل الأطراف بما في ذلك الانفصاليون والجمهوريون، لو فكر استراتيجيا في مستقبل الوحدة الوطنية الإسبانية المهددة بالانفصال عبر استصدار التصويت على تقرير المصير التي تدعو إليه الحكومة الكطالانية والجمهوريون، والذي بات في أجندة المساومات للإفراج عن انبثاق الحكومة الجديدة لبيدرو سانشث. إن احتلال الحزب الاشتراكي المرتبة الأولى متبوعا بحزب بوديموس مع تآكل عدد الأصوات التي حصل عليها مقارنة مع التصويت السابق مع تراجع ملفت للحزب الشعبي وتعزيز تموقع حزب يميني متطرف فوكس، خلط الأوراق وعقد مهمة تشكيل حكومة قوية ومنسجمة قبل أفول هذه السنة. إن لجوء سانشيث إلى عقد دورة من المكالمات الهاتفية مع رؤساء الجهات بمن فيهم الانفصاليون والجمهوريون، ليس من وجهة نظرنا إلا لخلق مبرر للاتصال برئيس كاطالونيا طورا، والتي لم تدم حسب وسائل الإعلام الإسبانية إلا ربع ساعة طلب فيها هذا الأخير لقاء مباشرا مع رئيس الحكومة الإسبانية من أجل التفاوض على مجمل القضايا سواء تعلق الأمر بالاعتمادات المالية أو بتقرير المصير، وكذا مصير بويدجمون ورفاقه الستة خارج إسبانيا وأولئك الذين يقبعون وراء القضبان جونكراس 13 سنة، راوول روميفا12 سنة، جواكيم فروم 10 سنوات، جوردي ترول 12 سنة، جوزف ترول 10 سنوات ثم جوردي سانشث 09 سنوات وفق أحكام قضائية، غير أن سانشيث رهن ذلك بعد تشكيل الحكومة وإحراز الثقة، حيث وعد بالجلوس مع الجميع، رؤساء جهات وأوطونوميات والإنصات إلى مطالبهم. وفي انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات الشاقة من تعاقدات وتعهدات مكتوبة بين الحزب الاشتراكي والفرقاء السياسيين الآخرين ربما ستعرض على الرأي العام في الأسبوع المقبل، استعدادا للذهاب إلى تشكيل الحكومة قبل أكل حلوى الترون، يبقى توضيح أن تشكيل الحكومة الإسبانية في ظل السياق الذي مرت به الأحداث قبل وبعد الانتخابات، تطرح سؤالا حول مدى استفادة هذه الدولة من الانتقال الديموقراطي منذ أربعين عاما. إن صعود الشعبويات في أوروبا غذى الشارع الإسباني بخطابات هوياتية قاتلة من شأنها أن تؤثر على مستقبل الأقليات والمهاجرين من الفارين من الحروب والدكتاتوريات من كل أطراف العالم وهو ما لفت إليه النظر أخيرا الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا في عمله الروائي الأخير الصادر في نهاية أكتوبر من هذه السنة بعنوان " Tiempos Recios" "أوقات صعبة". *شاعر ومترجم وباحث.