أصدر "منتدى الوطنيين" تقريرا عاما بشأن الجهوية المتقدمة بالمغرب يُشرّح فيه طبيعة الوضع الراهن لهذا الورش الاستراتيجي للمملكة، مشيرا إلى ثلاثة تحديات كبرى توجد في قلب مسلسل الجهوية المتقدمة؛ أولاها تكاملية السياسات العمومية. وشرح التقرير، الذي أنجز في سياق المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة التي ستحتضنها مدينة أكادير يومي 20 و21 دجنبر الجاري، أن التكاملية تعني "دمج وتنسيق السياسات العمومية في إطار الجهوية المتقدمة، وهو شرط محوري لضمان الحكامة المسؤولة". أما التحدي الثاني، وفق التقرير، هو الحكامة واللاتمركز الإداري، موردا أن "النجاح في تحقيق الجهوية المتقدمة يستدعي إلغاء التركيز الإداري بما يسمح بنقل اتخاذ القرارات وتدبير الموارد إلى الصعيد الترابي، عبر وضع إطار مؤسساتي يحدد أدوار كل فئة على حدة". ويتجسد التحدي الثالث في وضع دعائم نظام دائم للتقييم والتواصل، يعنى ب "ترسيخ ثقافة المقاربة التشاركية والحكامة الفعالة، من خلال عقد الاجتماعات التشاركية وتقييم حصيلة نصف مدة الإنجاز، عبر تنظيم منتديات ترابية تهدف لتقييم الإنجازات وتقاسم الخبرات في المجال". كما قام المنتدى بتقييم مرحلي لمخططات التنمية الجهوية، مشيرا إلى عدم إنجازها في جهتي درعة-تافيلالت وكلميم-وادنون. كما يرى، وفق الإحصائيات التي قام بها، أن جهة درعة تافيلالت هي الأكثر ضعفا في ما يخص تنظيم الأنشطة خلال سنة 2018. وتعتبر الجهة الشرقية الأولى على صعيد المغرب من ناحية نسبة البطالة سنة 2018، تبعا للمنتدى، الذي أوضح أن جهة بني ملالخنيفرة سجلت النسبة الأولى من حيث الأمية سنة 2014، في حين جاءت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة وجهة الشرق في صدارة الجهات الضعيفة من حيث التعليم الأولي في الموسم عينه. ويتمركز الأطباء في جهة الدارالبيضاء-سطات خلال 2019، يلفت التقرير الذي أبرز أن طنجة-تطوان-الحسيمة الأضعف من حيث الربط بشبكة الماء الصالح للشرب سنة 2014، في حين تعد الداخلة وادي الذهب الأضعف بشأن الربط بشبكة الكهرباء، وكذلك بخصوص المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي سنة 2015. وسجل المنتدى العديد من الاختلالات حول الورش الجهوي، يمكن حصرها في الحصيلة الجزئية للتمركز الإداري؛ حيث عاب التأخر في نقل بعض الصلاحيات الإدارية للجهات. تنضاف إليها محدودية التمويل، وتتمثل في "غياب مبدأ الاستقلال المالي للجهات"، بتعبير التقرير. وأشار المصدر ذاته إلى "غياب التعاون بين جميع المتدخلين الوزاريين لنقل العديد من الاختصاصات إلى مجالس الجماعات الترابية"، مستغربا "تعدد الفاعلين على المستوى الترابي، ما ينتج عنه تداخل المسؤوليات والمهام بين هؤلاء"، مؤكدا أيضا أن "مشاركة المواطنين في المسلسل محدودة". تبعا لذلك، أوصى التقرير في مجال الفعل الحكومي ب "البدء الفعلي في تطوير ميثاق اللاتمركز الإداري، بواسطة النقل التدريجي للقرار الإداري والموارد إلى الصعيد الترابي، ثم وضع خارطة طريق تحدد الجدولة الزمنية وأولويات تنفيذ اللاتمركز الإداري". ونادي التقرير ب "قيادة الجهوية المتقدمة من طرف جيل جديد من المدراء المحليين وأصحاب المشاريع الحقيقية". أما السياسات القطاعية، فقد دعا المنتدى إلى التقائية وتكاملية هذه السياسات على الصعيد الترابي، من خلال "إشراك الفاعلين الاقتصاديين الجهويين والمجتمع المدني المُنظم". وبخصوص التوصيات المالية للجهات، طالب التقرير ب "تحديد نماذج توزيع الموارد المالية والضريبية، ثم تكييفها مع الحاجيات المالية للجهات، وكذلك ضمان الاستقلال المالي للجهات، والمراقبة الصارمة لنفقات الموظفين". وفي محور التواصل والتقييم، دعا التقرير إلى خلق لجنة تنسيق تناط بها مهمة تدبير سياسات التنمية الترابية المُندمجة. وطالب المنتدى أيضا ب "تسريع الولوج للأنترنت، وتدعيم إصدار الدوريات وإنشاء المواقع الإلكترونية التفاعلية بالجهات، فضلا عن تطوير الإذاعات والقنوات التلفزيونية الجهوية". وفيما يخص الموارد الطبيعية، دعا المنتدى إلى "إرساء آليات الحفاظ على الثروات الطبيعية وحمايتها". كما نادى بتطوير التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة، عبر "تعزيز اقتصاد المعرفة والبحث العلمي، إلى جانب وضع استراتيجيات محلية ترتكز على تعزيز الرأسمال البشري والاقتصادي".