كشفت نتائج بحث اجتماعي أنجزته مؤسسة "إيطو" عن معطيات صادمة بخصوص استفحال الهدر المدرسي والأمية في العالم القروي، حيث أظهر البحث المُنجز في مناطق قروية بأقاليم آسفي واليوسفية والصويرة وجود نسبة عالية من الأطفال المنقطعين عن الدراسة أو الذين لم تطأ أقدامهم الفصول الدراسية قَط. ووفق المصدر ذاته، فإنّ من بين 4503 من الأطفال، الذين شملهم البحث، فقد بلغ عدد الذكور المنقطعين عن الدراسة 1044 طفلا، وبلغ عدد الطفلات المنقطعات عن الدراسة 1207 طفلة؛ في حين أن 289 طفلا يعانون من الأمية، وفي صفوف الإناث وصل عدد الطفلات الأميات إلى 390 طفلة. ويعود الهدر المدرسي في المناطق التي شملها البحث الاجتماعي لمؤسسة "إيطو"، والتي وصفت وضعية تمدرس الأطفال ب"المزري جدا"، إلى جملة من الأسباب أبرزها: بعد المؤسسات التعليمية عن الدواوير النائية، وانعدام وسائل النقل المدرسي، وتدنّي الداخليات الموجودة وضعف تجهيزاتها وخدماتها. ومن الأسباب الأخرى للهدر المدرسي الذي تصل نسبته إلى 90 في المائة في المناطق القروية بأقاليم آسفي واليوسفية والصويرة، حسب معطيات الوثيقة المذكورة، الاكتظاظ الذي تعرفه الداخليات ودُور الطالبة، "التي تأوي ثلاثة أضعاف طاقتها الاستيعابية"، وارتفاع تكاليف الإيواء بالنسبة إلى الأسر التي يعاني أغلبها من الفقر والهشاشة. ونتيجة لذلك، أورد البحث أنّ الآباء "يختارون التضحية بتمدرس أطفالهم، خاصة البنات، إن احتاج الأمر الاختيار بين البنت والولد لضمان التمدرس، خوفا عليهن من قطاع الطرق"، مشيرا إلى أن العائق الرئيسي أمام نجاح الآباء والأبناء في إصلاح هذا الوضع "هو عدم اعتبار جُل المنتخبين بهذه المناطق التعليمَ رهانا لبناء تنمية اجتماعية مستدامة حقيقية عمودها الفقري العنصر البشري". وبخصوص تزويج القاصرات، وهو الموضوع الرئيسي الذي تشتغل عليه مؤسسة "إيطو"، فقد رصد البحث الاجتماعي الذي أنجزته استمرار تزويج القاصرات بوتيرة مرتفعة، حيث تمّ رصْد 384 حالة تزويج القاصرات ما بين 12 و16 سنة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الزواج "يشكل عائقا قويا أمام تمدرس الطفلات ونموهن، وضربة قاضية لكل برامج التنمية وإن كانت طموحة وفعلية". ووقف البحث كذلك عند ظاهرة استمرار الزواج الإجباري في المناطق القروية، خاصة النائية والمنعزلة منها، بآسفي والصويرة واليوسفية، حيث تم تسجيل أزيد من 350 زواجا إجباريا من مختلف الأعمار. وعلى الرغم من استمرار تزويج القاصرات فإنّ نتائج البحث الاجتماعي بيّنت أن هذه الظاهرة مرفوضة من طرف أغلب النساء المستجوبات؛ فمن أصل من أصل 998 امرأة مستجوبة عبرت 854 منهن عن رفضهن الباتّ تزويج القاصرات، أي بنسبة 85%، بينما عبرت 15 في المائة منهن عن قبولهن تزويج القاصرات. وفي الوقت الذي تسُنّ الحكومة مزيدا من القوانين من أجل حماية حقوق النساء، أظهر البحث الاجتماعي، الذي أنجزته مؤسسة "إيطو"، أنّ القوانين التي يضعها المشرّع في الرباط لا يصل صداها على النحو المطلوب إلى المناطق النائية، ويتضح ذلك من خلال علْم النساء بمدونة الأسرة. وحسب نتائج البحث ذاته، فإنّ من بين 998 امرأة لم يصل عدد النساء اللواتي على علم سطحي بوجود مدونة الأسرة 544 امرأة، عَلمن بها عن طريق التلفاز والراديو؛ لكنهن لا يعرفن فصولها أو حقوقهن المنصوص عليها في المدونة، بينما صرحت 454 امرأة بأنهن ليست لديهن دراية نهائيا بوجود مدونة الأسرة.