منذ بدء إنتاجها النفطي في العام 1938 عندما تم اكتشاف الذهب الأسود بكميات تجارية في "بئر الخير"، حققت شركة النفط العملاقة "أرامكو" ثروات تفوق الخيال للمملكة الصحراوية. والأسبوع الماضي، تمكنت "أرامكو" من جمع 25,6 مليار دولار في إطار أكبر عملية اكتتاب عام في التاريخ بعدما باعت 1,5 بالمئة من أسهمها، قبل أن يبدأ تداول هذه الأسهم الأربعاء. وباعت "أرامكو" في وقت لاحق أسهما إضافية بنسبة 0,25 بالمئة، ما رفع قيمة الاكتتاب إلى 29,44 مليار دولار. نمت الشركة منذ تأسيسها لتصبح أكبر شركة طاقة وأكثرها ربحية في العالم؛ إذ إنها توفر 10% من إمدادات النفط عالميا وتعود على المملكة المحافظة بتريليونات الدولارات. وتحدّدت قيمتها بما بين 1,6 و1,71 تريليون دولار، مع تحديد سهر السهم بقيمة 32 ريالا قبل بدء التداول. لكن السعر ارتفع إلى 35,2 ريالا (9,4 دولار) بعد ثواني من بدء التداول الأربعاء، ما زاد قيمة الشركة إلى 1,88 تريليون دولار. وهو أقل من عتبة 2 تريليون دولار التي كان يتطلّع إليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلا أن هذه القيمة قد ترتفع مع استمرار التداول في الأيام المقبلة. وتعرّضت "أرامكو" في الأشهر الأخيرة لسلسلة من الهجمات الخطيرة التي استهدفت منشآتها النفطية، كان آخرها هجوم بطائرات مسيرة أدى إلى وقف تدفق 5,7 ملايين برميل نفط في اليوم، أي نصف إجمالي الإنتاج، قبل أن تستعيد الشركة بعد أسابيع كامل إنتاجها. حجر الزاوية الاكتتاب العام لأكثر شركة تحقيقا للأرباح على مستوى العالم هو حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي لولي العهد المسمّى "رؤية 2030"، الذي يسعى إلى استقطاب عشرات مليارات الدولارات لتمويل مشاريع ضخمة. وكانت الحكومة السعودية تأمل جمع مئة مليار دولار، في عملية تأجّلت مراراً لعوامل عدة، من بينها انخفاض أسعار النفط. ويعود تاريخ تأسيس "أرامكو" إلى عام 1933 عندما تم إبرام اتفاقية الامتياز بين الحكومة السعودية وشركة "ستاندرد اويل اوف كاليفورنيا" (سوكال) حينها. وبدأت أعمار حفر الآبار عام 1935. وبدأ إنتاج النفط بكميات تجارية بعد ذلك بثلاث سنوات، أي في 1938. ويعود اسمها الحالي إلى شركة متفرعة تم إنشاؤها في الأربعينات لإدارة الاتفاق أطلق عليها اسم "شركة الزيت العربية الأميركية". في العام 1949 بلغ إنتاج النفط 500 ألف برميل يوميا، وفي 1950 أنجزت "أرامكو" خط الأنابيب عبر البلاد العربية "تابلاين" بطول 1212 كلم لتصدير النفط السعودي إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وارتفع الإنتاج بشكل سريع بعد اكتشاف آبار نفط برية وبحرية ضخمة، بينها حقل الغوار الذي يعتبر الأكبر في العالم؛ إذ يبلغ حجم احتياطه قرابة 60 مليار برميل، وحقل السفانية الذي يعتبر أكبر حقل بحري في العالم مع احتياطي قدره 35 مليار برميل. في العام 1973 شهدت أسعار النفط ارتفاعا كبيرا في ذروة حظر النفط الذي تم فرضه ضد الولاياتالمتحدة بسبب سياستها بشأن إسرائيل. واستحوذت الحكومة السعودية على 25% من شركة "أرامكو" لزيادة حصتها إلى 60% لتصبح أكبر شريك في المؤسسة. وبعد سبع سنوات قامت بتأميم الشركة، وفي عام 1988 أصبح اسمها شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو). أرباح ضخمة ابتداء من التسعينات، استثمرت "أرامكو" مليارات الدولارات في مشاريع التوسع الضخمة ورفعت القدرة الإنتاجية إلى نحو 12 مليون برميل يوميا، إضافة إلى القيام بعمليات استحواذ عالمية ومشاريع مشتركة. ولدى "أرامكو" حاليا نحو 220 مليار برميل من احتياطي مؤكد، الثاني في العالم بعد فنزويلا، إضافة إلى 300 تريليون قدم مكعب من الغاز. ويقع مقر الشركة في الظهران في المنطقة الشرقية، ولديها عمليات نفطية رئيسية في الولاياتالمتحدة والصين والهند وكوريا الجنوبية والعديد من الدول الأوروبية والآسيوية. وشيّدت "أرامكو" كذلك شبكة من أنابيب النفط والمصافي داخل وخارج المملكة، ووسعت وجودها في قطاع البتروكيميائيات. وفي أبريل فتحت "أرامكو" سجلاتها للمرة الأولى معلنة تحقيق أرباح صافية في 2018 بلغت 111,1 مليار دولار، أي بارتفاع بنسبة 46% عن العام الذي سبق. كما بلغت عائداتها 356 مليار دولار. واعُتبر هدف هذه الخطوة زيادة الشفافية قبل الاكتتاب الأولي العام. ويبلغ رأسمال "أرامكو" ستين مليار ريال سعودي (16 مليار دولار) مقسمة على مئتي مليار سهم. *أ.ف.ب