منذ بدء إنتاجها النفطي في العام 1938 عندما تم اكتشاف الذهب الأسود بكميات تجارية من "بئر الخير"، حققت شركة النفط العملاقة "أرامكو" ثروات تفوق الخيال للمملكة السعودية. ونمت الشركة منذ تأسيسها لتصبح أكبر شركة طاقة وأكثرها ربحية في العالم، إذ توفر 10% من إمدادات النفط عالميا، وتعود على المملكة المحافظة بترليونات الدولارات. وأكّدت أرامكو الأحد نيتها إدراج جزء من أسهمها في السوق المحلية، بعد وقت قصير من إعلان هيئة السوق المالية السعودية الموافقة على تداول الأسهم. إلا أن الشركة تعرّضت في الأشهر الأخيرة لسلسلة من الهجمات الخطيرة التي استهدفت منشآتها النفطية، كان آخرها هجوم بطائرات مسيرة أدى إلى وقف تدفق 5.7 ملايين برميل نفط في اليوم، أي نصف إجمالي إنتاجها. والاكتتاب العام لأكثر شركة تحقيقا للأرباح على مستوى العالم هو حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، المسمّى "رؤية 2030"، والذي يسعى إلى استقطاب عشرات مليارات الدولارات لتمويل مشاريع ضخمة. علامة فارقة قال ياسر الرميان، رئيس مجلس إدارة أرامكو، في بيان: "يمثّل هذا اليوم علامة فارقة في تاريخ الشركة، وخطوة مهمة نحو تحقيق رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تحقيق النمو والتنوع الاقتصادي المستدام". من جهته، اعتبر أمين الناصر، رئيس شركة أرامكو، أن شركته "تسهم بثبات في أمن الطاقة العالمي"، موضحا أن "احتياطياتها المؤكدة من السوائل بلغت نهاية عام 2018 أكثر من خمسة أضعاف احتياطيات شركات النفط العالمية الخمس الكبرى مجتمعة". وكانت الحكومة السعودية تأمل جمع مائة مليار دولار، مشيرة إلى إن قيمة الشركة تقدر ب2 تريليون دولار، في عملية تأجّلت مراراً لعوامل عدة بينها انخفاض أسعار النفط. ويعود تاريخ تاسيس ارامكو إلى عام 1933 عندما تم إبرام اتفاقية الامتياز بين الحكومة السعودية وشركة ستاندرد اويل أوف كاليفورنيا (سوكال) حينها. وبدأت أعمار حفر الآبار عام 1935. وبدأ إنتاج النفط بكميات تجارية بعد ذلك بثلاث سنوات، أي في 1938. ويعود اسمها الحالي إلى شركة متفرعة تم إنشاؤها في الأربعينيات لإدارة الاتفاق أطلق عليها اسم "شركة الزيت العربية الأمريكية". وفي العام 1949 بلغ إنتاج النفط 500 ألف برميل يوميا. وفي العام 1950 أنجزت أرامكو خط الأنابيب عبر البلاد العربية "تابلاين" بطول 1212 كلم لتصدير النفط السعودي إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وارتفع الإنتاج بشكل سريع بعد اكتشاف آبار نفط برية وبحرية ضخمة، بينها حقل الغوار الذي يعتبر الأكبر في العالم، إذ يبلغ حجم احتياطه قرابة 60 مليار برميل، وحقل السفانية الذي يعتبر أكبر حقل بحري في العالم، مع احتياطي قدره 35 مليار برميل. تأميم الشركة في العام 1973 شهدت أسعار النفط ارتفاعا كبيرا في ذروة حظر النفط الذي تم فرضه ضد الولاياتالمتحدة بسبب سياستها بشأن إسرائيل. واستحوذت الحكومة السعودية على 25% من شركة أرامكو لزيادة حصتها إلى 60% لتصبح أكبر شريك في المؤسسة؛ وبعد سبع سنوات قامت بتأميم الشركة، وفي عام 1988 أصبح اسمها شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو). وابتداء من التسعينيات استثمرت أرامكو مليارات الدولارات في مشاريع التوسع الضخمة، ورفعت القدرة الإنتاجية إلى نحو 12 مليون برميل يوميا، إضافة إلى القيام بعمليات استحواذ عالمية ومشاريع مشتركة. وحاليا لدى أرامكو نحو 220 مليار برميل من احتياطي مؤكد، الثاني في العالم بعد فنزويلا، إضافة إلى 300 تريليون قدم مكعب من الغاز. ويقع مقر الشركة في الظهران في المنطقة الشرقية، ولديها عمليات نفطية رئيسية في الولاياتالمتحدة والصين والهند وكوريا الجنوبية والعديد من الدول الأوروبية والآسيوية. وشيدت أرامكو كذلك شبكة من أنابيب النفط والمصافي داخل وخارج المملكة ووسعت وجودها في قطاع البتروكيميائيات. وفي أبريل فتحت أرامكو سجلاتها للمرة الأولى، معلنة تحقيق أرباح صافية في 2018 بلغت 111.1 مليار دولار، أي بارتفاع بنسبة 46% عن العام الذي سبق؛ كما بلغت عائداتها 356 مليار دولار. واعُتبر هدف هذه الخطوة زيادة الشفافية قبل الاكتتاب الأولي العام الذي يعتبر حجر الزاوية في "رؤية 2030" الإصلاحية التي طرحها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.