على غرار الشكل الاحتجاجي الذي خاضوه يوم الاثنين الماضي، باقتحامهم مقر وزارة التربية الوطنية، انتهت مسيرة الأساتذة أطر وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات بإصابات في صفوفهم، بعد تدافع مع قوات الأمن من شرطة وقوات مساعدة، وسط العاصمة الرباط. وسقط خمسة أساتذة أرضا، بعد أن اعترضت قوات الأمن طريقهم بالقرب من مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم، حيث أصيبوا إصابات مختلفة، وظلوا مستلقين على قارعة الطريق، وسط احتجاجات زملائهم الذين كانوا يرددون "الإسعاف يجي دبا ولا تحماض القضية". وانطلقت مسيرة الأساتذة أطر وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات، الذين يطالبون بالترقية وتغيير الإطار، بخوض وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة التربية الوطنية، رفعوا خلالها شعارات مندّدة بعدم تمكينهم من الترقية وتغيير الإطار، أسوة بباقي زملائهم. وقال عبد الوهاب السحيمي، عضو "التنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات"، في تصريحات للصحافة: "لا يُعقل أنّ الأساتذة حاملي الشهادات يقومون بنفس المهام التي يقوم بها باقي زملائهم؛ لكنهم مقصيون من الترقية"، قبل أن يضيف بغضب محتدّ: "كيف تريد الوزارة أنّ تنزّل القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية وهؤلاء الأساتذة يحسّون بالنقص ونفسيتهم مهزوزة". واستمرّ الأساتذة المحتجون في ترديد شعارات منددة بحرمانهم من الترقية وتغيير الإطار، وهو المطلب الذي ظلوا يناضلون من أجل تحقيقه منذ سنة 2015، قبل أن يتلقوا إشارة من قيادات تنسيقيتهم للسير في مسيرة احتجاجية في اتجاه البرلمان، حيث نزعوا أحذيتهم وجواربهم، للسير حُفاة، "تعبيرا عن الوضع المتردّي للتعليم المغربي، والوضعية السيئة التي يعيشها الأساتذة"، كما قال السحيمي. وقبل انطلاق المسيرة الاحتجاجية، تحلّق الأساتذة وسط الساحة المقابلة لوزارة التربية الوطنية، ورفع أحدهم مجسّما عبارة عن طبق حلوى عيد الميلاد، تخليدا لمرور أربع سنوات على انطلاق احتجاجاتهم، وتوعّدوا وزير التربية الوطنية بمزيد من الاحتجاجات، بترديدهم "سنة كحلة يا أمزازي". وبمجرد إعلان قيادات التنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات عن انطلاق مسيرتهم في اتجاه البرلمان، انتظمت عناصر الأمن في صف للحيلولة دون مرور الأساتذة، لينطلق صوتُ عبد الوهاب السحيمي عبر مكبّر الصوت، قائلا: "من المفروض أن لدينا مسيرة سلمية في اتجاه البرلمان، والآن هناك تطويق لوقفتنا"، لينخرط زملاؤه في ترديد شعار "براكا من البوليس زيدونا في المدارس". وعلى الرغم من الطوق الذي ضربته قوات الأمن، بادر الأساتذة إلى التقدم نحوهم، حيث انتظموا في صفوف، مرددين شعار "القمع لا يرهبنا والخوف لا يفنينا"، و "الكارثة ستكون، والمخزن هو المسؤول"، فيما قال السحيمي "في زمن الطوارئ وحالات الاستثناء لم يكن هذا موجودا". السحيمي وجّه رسالة عبر مكبر الصوت إلى عناصر قوات الأمن، وخاطبهم بالقول: "إذا بدر منكم أي سلوك طائش فهذا سيؤجج الوضع، وعليكم أن تتحملوا مسؤوليتكم، حْنا ما عندناش معكم مشكل، ما عندناش مشكل مع الداخلية، عندنا مشكل مع وزارة التربية الوطنية، ولا نطالب سوى بأن تفسحوا لنا الطريق لنسير نحو البرلمان". ورفع الأساتذة شعار "سلمية سلمية، لا حجرة لا جنوية"، فيما واصل السحيمي مخاطبة عناصر قوات الأمن قائلا: "هذه الممارسات لن تخيفنا. انتهى زمن الخوف.. ومرة أخرى أقول لكم لا مشكل لنا مع العناصر الأمنية بل مع وزارة التربية الوطنية، أي واحد منكم كان يمكن أن يكون مكاننا، ونكون نحن مكانكم". بعد ذلك، حاول الأساتذة المحتجون تخطي الجدار الأمني، وانطلق التدافع بين الطرفين، تمكن الأساتذة على إثره من اختراق صفوف قوات الأمن، ولم تتمكن هذه الأخيرة من اعتراضهم إلا عندما اقتربوا من مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم، حيث أصيب خمسة أساتذة في الرأس وفي الأطراف. وعلى الرغم من الإصابات التي تعرضوا لها، أبْدى الأساتذة المحتجون تشبثهم في الاستمرار في الاحتجاج والاعتصام بالرباط، للأسبوع الثاني على التوالي، حيث قال عبد الوهاب السحيمي إنّهم سيخوضون "شكلا نضاليا غير مسبوق" غدا الثلاثاء، دون أن يفصح عن طبيعته، مضيفا، في تصريح لهسبريس: "لن نوقف نضالنا إلا بعد أن يتحقق مطلبنا في الترقية وتغيير الإطار، ولو اقتضى الحال أن يمر هذا المطلب على جثثنا". وعلى الرغم من أن وزارة التربية الوطنية قالت إنها ستنظر في مطلب تمكين الأساتذة حاملي الشهادات من الترقية وتغيير الإطار، وأنها تحتاج إلى موافقة الحكومة، فإنّ الأساتذة المَعنيين عبّروا عن عدم ثقتهم في وعد الوزارة حيث قالت ممثلة نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم: "نحن نعتبر ردّ الوزارة جوابا غير منطقي، ونقول إن الوزارة لم تقدم لنا جوابا ولا حلا". من جهتها، قالت ممثلة الجامعة الوطنية للتعليم، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، إن وزارة التربية الوطنية "تمارس تشويه الحوار مع النقابات التعليمية في قضية الأساتذة حاملي الشهادات"، مضيفة: "نطالب وزارة التربية والحكومة بتحمل مسؤوليتها والكفّ عن العبث والاستهتار"، مؤكدة "نؤيد ونساند جميع الأشكال النضالية التي يخوضها الأساتذة، ونرفض أي حل غير الترقية وتغيير الإطار لجميع الأساتذة".