قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى المغرب، اليوم الخميس، تكتسي "طابعا متميزا على أكثر من مستوى". وأوضح بوريطة، في تصريح صحافي، أن الزيارة الأولى من نوعها لوزير الخارجية الأمريكي إلى المغرب وإلى المنطقة هي زيارة "تأكيدية للدينامية الإيجابية التي تعرفها العلاقات الثنائية، بإرادة من الملك محمد السادس، وهي الدينامية التي أبانتها زيارة المستشارين الخاصين جريد كوشنير وإيفانكا ترامب. تحديات أمنية واقتصادية وتطرق الاجتماع بين بوريطة وبومبيو إلى التهديد الذي تشكله إيران وحلفاؤها، والجهود المبذولة لمواجهة محاولات نشر النفوذ الإيراني في المنطقة، بما فيها شمال وغرب إفريقيا. وأشار بوريطة، في تصريحه، إلى أن اللقاء ناقش أيضا "الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب في إفريقيا من خلال تعزيز قدرة الأجهزة الأمنية في المنطقة، خاصة بواسطة وضع منصة مشتركة للتعاون في المجال الأمني". وأورد المسؤول المغربي أن "إرادة الولاياتالمتحدة في تعزيز علاقاتها مع المملكة المغربية تشكل اعترافا بما يميز المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، من استقرار ومصداقية وإصلاحات، وهو ما أكده البيان المشترك للدورة الرابعة للحوار الإستراتيجي بين المغرب والولاياتالمتحدة، الذي حيى ريادة جلالة الملك في إرساء إصلاحات قوية وبعيدة المدى، وأثنى على دعم جلالته الموصول في قضايا ذات اهتمام مشترك، منها السلام في الشرق الأوسط والاستقرار والتنمية في إفريقيا، وكذا الأمن والسلم في المنطقة". المصدر الحكومي أكد أن زيارة بومبيو إلى المغرب بمثابة "تجديد لمتانة العلاقات الإستراتيجية بين المغرب والولاياتالمتحدة، وتجسد نوعية هذه العلاقات الراسخة في أسسها والواضحة في معالمها". وزاد المتحدث أن الملك محمدا السادس "حرص على تعزيز الشراكات التاريخية للمملكة، في إطار تنفيذ الرؤية الملكية السامية لسياسة خارجية دينامية وفاعلة، مكنت العلاقات المغربية-الأمريكية من تحقيق قفزة نوعية في السنوات الأخيرة، وتفعيل آليات التعاون التي أثبتت فعاليتها وقدرتها على فتح آفاق أرحب للشراكة الثنائية". وعلى مستوى التعاون الاقتصادي، أكد بوريطة أن العلاقات بين الرباطوواشنطن استطاعت أيضا أن تُحقق تعاونا اقتصاديا وثيقا، مشيرا إلى حجم المبادلات التجارية الثنائية التي تخطت عتبة 51 مليار درهم، أي بزيادة قدرها 28 في المائة بالمقارنة مع 2017. وأضاف بوريطة: "الولاياتالمتحدة تعتبر ثالث مستورد للسلع المغربية، ورابع مورِّد للمغرب. كما تأتي الاستثمارات الأمريكية في المرتبة السابعة ضمن الاستثمارات الخارجية المباشرة في المغرب؛ بالإضافة إلى أن حوالي 160 شركة أمريكية اتخذت من المملكة مقرا لها. وقد زار المغرب هذه السنة أكثر من 300.000 سائح أمريكي، أي بزيادة قدرها 20 في المائة بالمقارنة مع 2017". وفي إطار التعاون بينهما، كشف المسؤول ذاته أن "المغرب سيحتضن الدورة 13 لقمة الأعمال الأمريكية-الإفريقية، في يونيو 202 بمراكش؛ والنسخة 17 لمناورات الأسد الإفريقي 2020 (في النصف الأول من 2020)، وهي الأكبر في إفريقيا مقارنة بما عرفته مناورات السنوات الماضية. كما سيحتضن المغرب اجتماع فريق العمل المعني بمكافحة الإرهاب في إطار مؤتمر وارسو (نهاية بداية شهر مارس 2020)". وأبرز بوريطة أن التحديات الأمنية تبقى في منطقة الساحل مرتبطة بالأساس بتنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة، التي تهدد الاستقرار والتنمية في المنطقة، مضيفا أن اللقاء بحث أيضا سبل مواصلة التعاون لتعزيز الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك دحر الجماعات الإرهابية والتنظيمات الجهادية. وبخصوص الوضع في ليبيا، يورد وزير الخارجية المغربي، أن "الاجتماع تبادل وجهات النظر بخصوص السبل والوسائل الكفيلة بتمكين هذا البلد الشقيق من إرساء أسس سلم وأمن دائمين، في إطار حل سياسي يتوافق عليه الفرقاء الليبيون بناء على الأسس التي وضعها مسلسل الصخيرات". شراكة قوية وروابط عريقة من جهتها عبرت وزارة الخارجية الأمريكية، بمناسبة زيارة رئيس دبلوماسية واشنطن، مايك بومبيو، إلى الرباط، عن عزم أمريكا العمل مع المغرب من أجل الاستفادة على أكمل وجه من إمكانات جميع مواطنيهما لضمان أمن وازدهار كلا البلدين. وتوقفت الخارجية الأمريكية، في بيان صدر الخميس، عند "الشراكة القوية" والروابط العريقة التي تجمع البلدين في مختلف المجالات، والتي تم تعزيزها أكثر بإبرام اتفاق التبادل الحر سنة 2006 وإطلاق الحوار الاستراتيجي سنة 2012. وجاء في البيان: "استمرت صداقتنا، وسويا سنسعى لإطلاق إمكانات جميع مواطنينا لضمان ازدهار وأمن بلدينا"، مشيرا إلى أن المملكة كانت سنة 1771 أول دولة تعترف دبلوماسيا بالولاياتالمتحدةالأمريكية. كما فتح المغرب، يضيف البيان، موانئه في السنة نفسها أمام سفن الجمهورية الأمريكيةالجديدة، ما مكن الولاياتالمتحدة من ممارسة التجارة ودعم نضالها من أجل الحرية، مشيرا الى أن المغرب يعد حاليا البلد الإفريقي الوحيد الذي يجمعه اتفاق تبادل حر مع الولاياتالمتحدة، مكن منذ دخوله حيز التطبيق سنة 2006 من زيادة حجم الصادرات المغربية إلى الولاياتالمتحدة بأكثر من الضعف، ورفع حجم المبادلات الثنائية بخمسة أضعاف. وسجل المصدر ذاته أن الولاياتالمتحدة والمغرب يقيمان شراكة مهمة في مجال التنمية الاقتصادية، كما تجلى ذلك خلال الزيارة الأخيرة التي قامت بها المستشارة الخاصة للرئيس الأمريكي إيفانكا ترامب إلى المغرب، والتي ركزت على جهود مؤسسة تحدي الألفية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لتعزيز المساواة بين الجنسين في مختلف جوانب التنمية بالبلاد. من جهة أخرى، أكد البيان أن المغرب يظل شريكا في العديد من القضايا الأمنية، مسلطا الضوء على التعاون العسكري الوثيق بين البلدين من خلال التمرينات العسكرية المشتركة وبرامج التدريب. وفي ما يتعلق بالجانب الأمني على الصعيدين الإقليمي والدولي، أبرزت واشنطن المساهمة المحورية للمغرب، "الذي يضطلع بدور رائد في المجال الأمني إفريقيا". وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية، في هذا السياق، إلى أن المملكة تساهم بأزيد من 2000 جندي في عمليات الأممالمتحدة لحفظ السلام في جمهوريتي الكونغو الديمقراطية وإفريقيا الوسطى، وتلعب دورا رئيسيا في تعزيز القدرات الأمنية الإقليمية. وسجل المصدر نفسه أنه "بفضل قيادة الملك محمد السادس، يعد المغرب فاعلا رئيسيا في المواجهة العالمية ضد الإرهاب"، مذكرا بأن المملكة رئيس مشارك للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، كما ترأس مجموعة العمل التابعة للمنتدى المعنية بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب. من جانب آخر، نوهت الولاياتالمتحدة بالمغرب بوصفه "رائدا إقليميا في تعزيز التعايش الديني والحوار بين الأديان"، مشيرة، في هذا الصدد، إلى احتضان المملكة في 3 و4 أكتوبر، بشراكة مع الولاياتالمتحدة، المؤتمر الإقليمي الأول للمحافظة على الموروث الثقافي للمجموعات الدينية، دعما لإعلان بوتوماك والحرية الدينية. كما ذكر بيان الخارجية الأمريكية أن المغرب هو موطن لأقدم وأكبر برنامج لهيئة السلام الأمريكية في المنطقة، بأزيد من 5000 متطوع على مدى 55 سنة الماضية، موردا أن حوالي 200 متطوع من هيئة السلام يعملون على تعزيز العلاقات بين البلدين ووضع برامج للتكوين وإذكاء روح التطوع. وأشار الى أن المفوضية الأمريكية في طنجة هي أقدم بناية دبلوماسية أمريكية في العالم والمبنى الوحيد الموجود خارج الولاياتالمتحدة في السجل الوطني للأماكن التاريخية للولايات المتحدة، مبرزا أنها ستحتفل في 2021 بمرور 200 سنة على وجودها.